[الثمار التي تجب فيها الزكاة]
[وفي كل ثمر يُكال ويدّخر].
مثل التمر، فإن تمر النخيل يكال ويدَّخر، ولذلك يرتفق الناس به الحول كله، فهو من جنس ما يُكال ويُدخر، فاشترط رحمه الله فيه الكيل مع الادخار، ومن أهل العلم من قيّد العلة بالكيل ولم يلتفت إلى الادخار، وهو أقوى على ظاهر الحديث الذي ذكرناه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الكيل ولم يعتبر الاقتيات، ولا الادخار.
[كتمر وزبيب].
فالتمر يكون من النخيل، والزبيب يكون من العنب من الزروع، فمثّل بهذين المثالين لأنهما من جنس ما يُقتات ويُدَّخر، وعلى هذا فإن ظاهر كلام المصنف أنه إذا لم يكن مدّخراً، فإنه لا تجب فيه الزكاة.
أما ما لا يُكال -مثل البرتقال والتفاح والموز والبطيخ- فلا تجب فيه الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أوجب الزكاة في الزروع والثمار قيّدها بالخمسة أوسق، فكأنه يقيدها بما يُكال، والبرتقال لا يكال، وينبغي أن يُنبّه على مسألة مهمة: وهو أنه اشتُهر في زماننا هذا الكيلو غرام، فيفهم البعض أننا إذا قلنا: لا يكال أي: لا يوزن، الكيلو غرام من جنس ما يوزن، وتوضيحاً لذلك نقول: إن الشيء إذا بِيع إما أن يباع بالكيل أو يباع بالوزن أو يباع بالعدد أو يباع بالذرع، وقد يباع جزافاً، وهذه الأشياء كلها: الكيل، والوزن، والذرع، والعدد، تقديرات للمبيعات؛ فما يباع كيلاً مثل بيع التمر بالصاع وبالمد، فهذا من جنس ما يُكال، وفي حكم المكيلات ما يوجد في زماننا من بيع الحليب باللتر، فهذا يكال، فيعتبر من جنس المكيلات، والكيل يرجع إلى حجم الشيء والوزن يرجع إلى ثقله.
والضبط بالوزن أدق من الضبط بالكيل، أي: من جهة تحرير الشيء، فالوزن من أمثلته الكيلو غرامات الموجودة الآن.
فالشيء إما أن يباع كيلاً أو يباع وزناً أو يباع عدداً كالبطيخ، تقول: بكم هذه الحبة؟ وكذلك السيارات فإنك لا تكيلها ولا تزنها، وإنما تنظر إلى أعدادها.
ونمثل بالأشياء الموجودة حتى يكون الضبط أبلغ، وإلا ففي القديم يقولون: كالإبل والبقر والغنم، هذه معدودات، فإن الإبل لا تباع وزناً ولا تباع كيلاً وإنما تباع بالعدد، فتقول: بكم هذه الناقة؟ أريد ناقة ناقتين ثلاثاً أربعاً فيرجع في بيعها إلى الأعداد، كذلك في زماننا هذا السيارات تعتبر معدودة.
وأما المذروع فيشمل الأقمشة، وأيضاً يكون في العقارات مثل بيع الأرض، كل ذلك يعتبر من المذروعات، والذرع يكون لتقدير الأطوال والمساحات.
فإذا باع الإنسان إما أن يبيع كيلاً أو وزناً أو عدداً أو ذرعاً، فالشيء إذا كان من جنس ما يكال وجبت فيه الزكاة إذا كان من الزروع والثمار، وأما إذا كان يباع بالعدد أو بالوزن مثل البرتقال، فإنه يباع بالعدد فتبيعه بالحبة، وتبيعه بالوزن، تقول: أعطني كيلو غراماً، فلا تبيعه كيلاً، وإنما تبيعه إما وزناً وإما عدداً، فهذا ليس من جنس ما تجب فيه الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدد للزروع والثمار نصابها بخمسة أوسق، فكأنه نبه حينما قال: (ليس فيما دون خمسة أوسق) أنه إذا لم يكن مكيلاً أنه لا زكاة فيه، فلو سألك سائل وقال: عندي أرض أزرعها بكراث أو فجل أو نحو ذلك من البقول والخضروات؟ فلتقل: هذه لا تجب فيها الزكاة؛ لأنها ليست من جنس المكيلات، وإنما هي إما من جنس المعدودات أو من جنس الموزونات، وعلى هذا لا تجب فيها الزكاة، ومثلها ما كان من هذا النوع من الزروع.
وكذلك ما كان يباع بالوزن كالبرتقال والتفاح والموز، فهذا لا تجب فيه زكاة، فلو سألك إنسان عن أرض يزرع فيها التفاح والبرتقال أو الليمون أو نحو ذلك مما لا يكال، فلتقل: هذا لا تجب زكاته؛ لأن الزكاة مخصوصة بما يكال.