قال رحمه الله:[فإن وصى لحي وميت يَعلم موته فالكل للحي].
إذا وصى الموصي فقال: هذه عشرة آلاف من ثلثي، تعطون زيداً خمسة آلاف وعمراً خمسة آلاف، وهو يعلم أن زيداً قد مات، فحينئذٍ لا تصح لزيد؛ لكن هل يأخذ عمرو الخمسة أم العشرة كاملة؟ قال بعض العلماء كما اختاره المصنف: تُصرف العشرة آلاف كلها لعمرو؛ لأنه لما كان يعلم أن زيداً قد مات فكأنه يقول: اصرفوها كلها لعمرو.
ولكن هذا فيه نظر، والأقوى ما ذكره بعض العلماء: أنه إذا كان يعلم موته، فنبقى على الأصل مادام ميتاً؛ لأنه ربما كان يعلم موته ونسي -ذهَل أو غفَل- فتكون كالوصية للميت الذي لا يعلم موته، ولأنه عيَّن وحدد، والمعيّن لا يُصرف إلى غيره؛ لأن فائدة التعيين الحصر والقصر بذلك الذي سَمّى، فلما كان الذي سماه وعينه ممن تبطل الوصية بالنسبة له، بطلت في حقه، وبقيت في حق غيره صحيحة.
قال رحمه الله:[وإن جهل فالنصف].
قوله:(وإن جَهل) أي: جهل موته، يعني فلا يدري هل هو حي أم ميت، فقال لهم: أعطوا زيداً خمسة آلاف وعمراً خمسة آلاف، ولا يدري هل زيد حي أو ميت، ثم تبيّن أن زيداً كان ميتاً؛ فحينئذٍ يصرف النصف لعمرو، فالمصنِّف يختار التفصيل.
والصحيح: أنه لا تفصيل، فالنصف لعمرو في كلتا المسألتين، أي: هو لعمرو في حال علمه بموت زيد لاحتمال أن يكون نسي، ولعمرو في حال عدم علمه أو جهله بالحال أو شكه في حياته؛ لأنه قد عيّن، وفائدة التعيين صرف الحق لمن عُيِّن له.