إذا بنيت العبادة على شيء مغصوب هل تصح؟ كمن صلّى على أرض مغصوبة، أو توضأ بماء مغصوب، أو حج بمال مغصوب؟!
الجواب
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: هذه المسألة خلافية بين العلماء رحمهم الله، من صلّى على أرض أو دار مغصوبة فهل تصح صلاته أو لا؟ قولان مشهوران للعلماء.
جمهور العلماء على أن الصلاة صحيحة وأنه آثم بالغصب، وذهب بعض العلماء إلى أن الصلاة باطلة، والصحيح مذهب الجمهور؛ لأن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه إلا إذا رجع إلى ذاته، وذات الصلاة مأمور بها وليس بمنهي عنها شرعاً.
وبناء على ذلك فإننا نقول: تصح صلاته بنص السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه ذكر أركان الصلاة في حديث المسيء صلاته وقال:(إذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك) فنحن نحكم بصحة الصلاة وتمامها لتوفر أركانها وشرائط صحتها.
وأما بالنسبة للغصب فإننا نقول: هو آثم لغصبه، وصلاته صحيحة، وتبرأ ذمته.
وهكذا لو حج بالمال المغصوب فإن حجه صحيح ولكن يجب عليه بالنسبة للهدي الضمان؛ لأن الهدي يختلف عن مسألتنا فإن الهدي النهي فيه راجع لذاته، وهو يشترط في الحج إن كان متمتعاً أو قارناً فيضمن إن كان الهدي مغصوباً، أما أنه لو سافر وماله مغصوب وركب سيارة ونزل داره، فهناك فرق بين فعل العبادة وبين ذات الشيء المنهي عنه.
وبناء عليه فإن حجه صحيح، ولكن هل يتقبل الله عز وجل حجاً من مال حرام؟ إذا حججت بمال لست تملكه فما حججت ولكن حجت العير لا يقبل الله إلا كل صالحة ما كل من حج بيت الله مبرور لو حج الإنسان مائة عام ولم يتقبل الله عز وجل حجه فما هي الفائدة؟ يتعب راحلته ونفسه.
فالمال المغصوب يوجب عدم قبول الحج نسأل الله السلامة والعافية، والحج صحيح، ونقول: أجزأته عن حجة الإسلام، ولكن لا يقبل إلا إذا كان من مال حلال، كما قال تعالى:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة:٢٧] وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله طيب لا يقبل الله إلا طيباً) والله تعالى أعلم.