للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن يكون عمل الأجير مأذوناً له فيه

(ما جنت يده) يعني: ما وقع بسبب فعله، لكن بشرط: أن يكون مأذوناً له في هذا الفعل، فمثلاً: لو أن عاملاً قام بعمل في نخل، وقد قلت له: هذه النخلة لا تفعل فيها شيئاً، فجاء وفعل، فإنه يضمن؛ لأنه ليس عنده الإذن الذي يكون به وكيلاً يسقط عنه الضمان فتكون يده يد أمانة، فلما عصاك وتجاوز حينئذ نقول: يضمن.

وعلى هذا نقول: لا يضمن إذا قام بما طلب منه، وكان قيامه على الوجه المعتبر الذي لا إفراط فيه ولا تعد، وعلى هذا يعتبر الأجير الخاص غير ضامن.

وهذا قول جماهير العلماء، وهناك من خالف وقال بتضمين الأجير مطلقاً، وفيه أثر عن علي رضي الله عنه، حتى إنه أثر عن علي رضي الله عنه أنه ضمن الأجراء وقال: لا يصلح للناس إلا هذا.

أي: كأنه يرى أن حقوق الناس لو قيل: إن الأجراء لا يضمنون؛ تلفت أموال الناس، لكن حين يقال: إن الأجير يضمن؛ فيكون هناك نوع من الصيانة.

ولكن الأثر عنه مرسل، والصحيح عنه رضي الله عنه أنه لم يضمن الأجير الخاص، وعلى هذا: فإن العمل على أن الأجير الخاص لا يضمن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن) وهذا النص له مفهوم -سنبينه إن شاء الله- يدل على أن من قام بالأعمال على الوجه المعتبر، وكان ذلك بدون تفريط وبدون تقصير، فإنه لا يلزم بضمان ما وقع من يده؛ لأنه الأشبه فيه أنه قضاء وقدر، وإذا كان خاصاً ففيه شبهة الوكالة، ولذلك النظر الصحيح والأصل الصحيح من كونه وكيلاً -كما قررناه في كتاب الوكالة- يقتضي عدم تضمين أمثال هؤلاء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>