للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مسألة: إذا أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري]

قال رحمه الله: [وإن أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وجبت].

هذا نوع آخر من الخلاف، المشتري من مصلحته أن يقول: أخذت النصيب بدون بيع، يعني: بدون معاوضة كما ذكرنا، لأنه إذا قال: أخذته هبة، أو أخذته مهراً لابنتي فإنه في هذه الحالة لا تثبت الشفعة، فهو سيدعي أنه انتقل إليه النصيب بدون عوض وليس هناك بيع، جاء البائع فقال: بل بعته، وشهد البائع أنه قد باع، البائع إذا شهد وقال: إنه قد باع يقبل قوله كما ذكر المصنف رحمه الله ويعمل به، ويثبت للشفيع حق الشفعة الذي هو الشريك الثاني بناء على شهادة البائع.

لكن هذا مشكل لماذا لا نقبل قول البائع في القدر ونقبله هنا في إثبات البيع؟ لو قال قائل: إن البائع هناك يثبت لنفسه نفعاً نقول: أيضاً هنا يثبت لنفسه نفعاً؛ لأن المشتري يقول: أخذته هبة، والبائع يقول: بل بعته، فلا يثبت العشرين ألفاً بل يثبت المائة ألف لنفسه، فالشهادة هنا تثبت نفعاً كما تثبت هناك النفع، ولذلك اختلفت مخارج بعض العلماء في هذا، ومن أنسب ما قالوا: لأنه في الصورة الأولى يوافق المشتري على أنه اشترى، فالتهمة قوية، لكن في الصورة الثانية نقبل قول البائع لأن المشتري لا يوافق على أنه اشترى، فحينئذٍ يكون خصماً للبائع سواء قبلت شهادته أو لم تقبل شهادة البائع، وهذا وجه الفرق بين المسألتين.

وعلى هذا فإن البائع إذا قال: بعت، حكمنا بثبوت الشفعة، وإذا ادعى المشتري أنه أخذ النصيب هبة وعطية أو مهراً على القول أن المهر لا تثبت فيه الشفعة، ووافقه البائع فلا إشكال، وإن خالفه حكم بقول البائع فيما اختاره المصنف رحمه الله؛ لأنه في هذه الحالة يثبت البيع والمعاوضة، وهو الأصل.

السؤال الآن: لماذا نقبل قول البائع أنه باع، والمشتري يقول: أخذته هبة؟ لماذا نجعل قول البائع هو الأصل، ونجعل قول المشتري خارجاً عن الأصل، مع أننا نعتبر قول المشتري في الأصل هو الأصل؟ قالوا: لأنه إذا قال البائع: بعت، وقال المشتري: أخذته هبة فهل الأصل أن الإنسان يأخذ أموال الناس بعوض أم بدون عوض؟ نقول: الأصل أخذها بعوض، فإذاً قول البائع أنه باع متفق مع الأصل، وكل من وافق الأصل يكون قول من قال بخلاف قوله دعوى يطالب صاحبها بإثباتها بالدليل والبينة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>