قال رحمه الله تعالى:[وعلى خُمُرِ نساءٍ مُدارةٍ تحت حُلُوقهن في حدث أصغر].
(وعلى خُمُر نساءٍ): هذا فيه أثر عن أم سلمة رضي الله عنها، والخَمْر: أصله التغطية، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:(خَمِّروا الآنية) أي: غَطُّوها، وسميت الخَمْر خَمْراً -والعياذ بالله- لأنها تغطي العقل، فكأن الإنسان لا عقل عنده، ووُصِف الخمار بكونه خماراً؛ لأنه يستر المرأة ويغطيها، مما يكون من رأسها، فيجوز لها أن تمسح عليه، وهذا على اختيار بعض العلماء لأثر أم سلمة رضي الله عنها، وفيه حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(مُدارةٍِ تحت حُلُوقهن) قالوا: إنه ينبغي أن يكون ذلك الخمار مُداراً، مثل: المسفع ونحوه، ويكون تحت الحلق كالحال في المحنك.
(في حَدَثٍ أصغر) بعد أن بيَّن -رحمه الله- ما الذي يُمسح عليه، ووقت المسح، شرع في بيان محل المسح.
فيختص المسح على الخفين وعلى العمامة وعلى الخمار بالحَدَث الأصغر دون الأكبر، فلا يجوز للإنسان أن يمسح على خفيه إذا اغتسل من الجنابة، بل يجب عليه نزع الخفين وغسل القدمين، والأصل في هذا ما ثبت في الحديث الصحيح وهو حديث صفوان بن عسال المرادي قال رضي الله عنه وأرضاه:(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ننزع خفافنا من بولٍِ أو نومٍ أو غائطٍ لكن من جنابة) فقوله: (من بولٍ) أي: بسبب بولٍ (أو نومٍ) أي: بسبب نومٍ (أو غائطٍ) أي: بسبب غائط، فكل هذه لا ننزع منها، ثم قال:(لكن من جنابة) أي: ننزع من الجنابة، فدل على أن الجنب باحتلامٍ أو إنزالٍ أو جماعٍ عليه أن ينزع خفيه وكذلك النفساء والحائض من جماع ونحوه، فإنه يلزمها أن تغتسل ولا تمسح على الخفين.