قال رحمه الله تعالى:[أو ملازمة غريم ولا شيء معه] ملازمة الغريم تكون على حالتين: الأولى: أن يكون الإنسان معذوراً بالتخلف عن سداد الدين.
الثانية: أن يكون غير معذور.
فإن كان معذوراً لا يجد السداد والغريم يسيء إليه، فيؤذيه بالكلام، أو يتسبب في التضييق عليه، أو الاستعداء عليه، بحيث يكون سبباً في لحوق ضرر به، أو يخاصمه أمام الناس، فيقول له: يا ظالم.
يا مماطل.
أو يؤذيه بدون حق فيجوز له أن يتخلف في هذه الأحوال.
والسبب في ذلك -كما يقول العلماء رحمة الله عليهم- أنه لو خرج لحقت به المشقة والحرج، والله يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:٧٨]، فإن الإنسان إذا أوذي أمام الناس وانتقصت كرامته، وأوذي بسبه وشتمه قد يكون الأذى والضرر عليه أكبر مما لو أُوذِي بجرحه والضرر في جسده.
ولذلك قالوا: جرح اللسان أعظم من جرح السنان.
فالمقصود أن الإنسان إذا خاف من أذية صاحب الدين وكان مظلوماً بهذه الأذية وليس عنده سداد شرع له التخلف.
أما لو كان عنده سداد ويستطيع أن يدفع فإنه ظالم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته) فإذا امتنع عن السداد وهو قادر عليه، وعنده ما يتمكن به من سداد الحقوق التي عليه فإنه لا يشرع له أن يتخلف عن الجماعة، بل يجب عليه أن يخرج، وإذا أُوذِي فإنه يستحق الأذية بإذن الشرع بذلك.