بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب حد قطّاع الطريق] هذا الباب يشتمل على حد من حدود الله عز وجل، التي ثبتت بدليل الكتاب والسنة، وإجماع العلماء رحمهم الله.
ومناسبة هذا الباب للباب الذي قبله أن حد السرقة اعتداء على الأموال، وحد الحرابة وقطع الطريق فيه اعتداء على الأموال والدماء والأنفس والأعراض، واعتداء على أمن الناس، وذلك بتخويف السبل، فإما أن تكون المناسبة لخاص مع خاص، بأن ننظر إلى أن حد السرقة اعتداء على الأموال، وقطع الطريق الغالب فيه طلب المال، فناسب أن يذكر الحد الأكبر بعد الحد الأصغر؛ لأن الحرابة أكبر من السرقة.
وإما أن يقال: إن حد الحرابة أشمل، فيصبح حد الحرابة عاماً بعد خاص، والخاص هو السرقة وهي اعتداء على الأموال، وقبلها جريمة الزنا والقذف وغيرها من الاعتداءات، فبعد أن بيّن الحدود الخاصة بالأموال بالسرقة، والجناية على العقل كحد شارب الخمر، والجناية على الأعراض من القذف وحد الزنا، شرع في بيان الحد الذي يجمع أكثر من حد وعقوبة، وهو: حد قطع الطريق أو ما يسمى: حد الحرابة.
وكلتا المناسبتين صحيحة، ولا شك أن من دقة المصنف رحمه الله أن يذكر حد الحرابة بعد الحدود الخاصة، ومن دقته أن يراعي المناسبة بين حد السرقة في الجناية على الأموال وحد قطع الطريق.
وقد اختلفت عبارات العلماء رحمهم الله في هذا الباب، فمنهم من يقول: باب حد قطع الطريق أو قطاع الطريق، ومنهم من يقول: باب الحرابة.