أنفذ الشيء: إذا أتمه وقام به، وإنفاذ الأمر: المضي به، فقد يوصي الإنسان بحقوق عليه لله عز وجل وحقوق لعباده، فيعمل بهذه الوصية، وهناك وصايا معجلة لا تحتمل التأخير، كأن يقول مثلاً: إذا أنا مت فيتولى تغسيلي فلان من أهل العلم أو من أهل الصلاح والخير، فيأمر بأن يغسله، وهذا شيء درج عليه السلف رحمة الله عليهم، وقد أوصى أبو بكر أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وكذلك أوصى أنس بن مالك رضي الله عنه أن يغسله محمد بن سيرين الإمام الجليل من أئمة التابعين، فتكون هذه وصية فتنفذ.
وتقرأ وصيته قبل أن يغسل؛ لأنه ربما تكون هناك أمور ينبه عليها في تجهيزه، كأن يوصي أولاده بالصبر واحتساب الأجر، فَتُقرأ وصيته وينفذ ما يمكن تنفيذه عاجلاً خاصةً الحقوق التي ينبغي المبادرة إلى قضائها كالديون ونحوها، ولو أمكن أن تقضى ديونه قبل الصلاة عليه فهذا أولى، بل واجب إذا أمكن ذلك؛ لأنه لا يجوز تأخير ديونه، وهذا أمر يتساهل فيه كثير من الناس إلا من رحم الله، فيؤخرون ديون الأموات، وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي على الميت إذا كان عليه دين ولم يترك وفاءً؛ لعظم أمر الدين.
ولذلك لو توفي وعنده سيولة نقد وعليه دين، وتعلم أنه مكتوب لفلان ألف وللآخر ألف فينبغي أن تقوم بأخذ الألفين قبل أن تغسله أو تكفنه إذا أمكن، وتعطيها لأصحابها، إنفاذاً لوصيته، وهذا من أبلغ البر وأفضله؛ حتى يوافي الله عز وجل سالماً من حقوق عباده.
كذلك أيضاً وصاياه بالأقربين، من الإحسان المبادرة بها ولو بعد وفاته مباشرة، وإنفاذ وصيته بالحقوق التي لله عليه كالحج عنه والعمرة عنه، والصدقة عنه، إذا أوصى بها، فهذا كله ينفذ.