قال رحمه الله:[لا يستحلف في العبادات ولا في حد من حدود الله].
أي: لا تكون اليمين في حقوق الله عز وجل، فمثلاً: لو قال شخص: فلان ما صلى، فقال: بل صليت، فاختصما للقاضي، فالقاضي يقول للمدعي: ائت ببينة أنه ما صلى، فإذا قال: ما عندي بينة، فحينئذٍ لا نقول للشخص الذي ادعي عليه أنه ما صلى: احلف اليمين، فلا نقول بحلف اليمين في هذا الحالة؛ لأن الحق لله، ولذلك بعض العلماء يعلل بعلة وهي: أن حقوق الله له، وحينئذ تعذَّر أن يحلفه صاحب الحق، وسقط التحليف في حقوق الله الخالصة، وكذلك أيضاً لو قال: ما أدى الزكاة، وقال الآخر: بل أديتها، فترافعا إلى القاضي، فلا يقال له: احلف على أنك أديتها، فلا يحلّف ولا يستقيم تحليفه قضاءً.
ومن هنا: لا يمين في حقوق الله ولا في الحدود؛ لأنه إذا أقر بالحد ملك الرجوع عنه، وقد تقدم هذا معنا في الحدود، فإذا ادعي عليه الزنا، فلا يحلَّف بالله إذا أنكر، وإنما يقال للمدعي: إما أن تقيم البينة وإلا نقيم عليك الحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث ابن عباس لما قذف هلال بن أمية امرأته بـ شريك بن سحماء، قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(البينة أو حدٌ في ظهرك)، فهذا يدل على أنه إما أن يقيم البينة أو يقام عليه حد القذف، وكأنه من حقه لو اعترف بالزنا أن يرجع، فإن المقر لو أقر بالزنا من حقه أن يرجع، كما سنبينه إن شاء الله.