[من يقسم بين الشركاء وعلى من تكون أجرته]
[ويجوز للشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم، وبقاسم ينصبونه].
(ويجوز للشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم) إذا حصلت القسمة بينهم برضا الأطراف، فحينئذ لا إشكال، ولا يجب عليهم أن يترافعوا إلى القاضي، ولا يجب عليهم أن يُنصبوا قاسماً يقسم بينهم، ما دام أنهم تراضوا، ورضي كل منهم بحصته.
(وبقاسم ينصبونه) (يَنْصِبُوْنَه أو يُنَصِّبُوْنَه) أي: يأتون بشخص، فمثلاً: إذا كانت أرضاً وجاءوا بمهندس -كما في زماننا- ينظر إلى الأرض ويعدّلها ورضوا بقسمته، فإذا كان متبرعاً فلا إشكال، لكن لو قال: أريد أجرة على ما عملت، فحينئذ تنقسم الأجرة على قدر نصيب كل واحد منهم، فإذا كانت الأرض بين الاثنين مناصفةً، وجب على كل واحد منهما أن يدفع نصف الأجرة، وإذا كانت الأرض أرباعاً لكل واحد من الأربعة الربع، وجب على كل واحد أن يدفع ربع أجرة القاسم.
فإذا قال: أجرة مثلي في هذه القسمة لهذا العقار أو هذه الأرض أو هذه المزرعة أربعمائة ريال، فإذا كانوا أربعة فحينئذٍ يدفع كل شخص مائة ريال؛ لأن هذه الأرض غنمها وغرمها على الجميع بقدر النصيب، كما أنها لو خسرت ونقصت قيمتها دخل النقص والخسارة على الجميع، كذلك لو ربحت وزاد نماؤها كان نماؤها على الجميع، وأصول الشريعة تقتضي هذا، ولذلك القاعدة الشرعية تقول: الخراج بالضمان، وتقول: الغنم بالغرم،، وبعضهم يقول: الغرم بالغنم، والمعنى واحد، وعلى كل حال الربح لمن يضمن الخسارة، وقد تقدم تقرير هذا في غير ما موضع، وأشرنا إلى حديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود وغيره في تقرير هذا الأصل.
قال رحمه الله: [أو يسألوا الحاكم نصبه، وأجرته على قدر الأملاك].
قوله: (أو يسألوا الحاكم نصبه) إذا وجد عند الحاكم لجنة، أو لدى القاضي أناس من أهل الخبرة؛ لأن القضاة ينبغي عليهم أن يكون عندهم أناس لهم خبرة في شؤون الناس ومشاكل الناس وأحوالهم يرجع إليهم القاضي عند الحاجة، تارةً يكونون منصبين من قبل القاضي ويكون لهم رزق من بيت المال على خلاف بين العلماء رحمهم الله في مسألة إعطائهم أرزاقاً من بيت المال.
فإذا سألوا القاضي أن ينصبه، فمذهب طائفة من العلماء أن هذه القسمة الحظ فيها للشركاء، وإذا كان الحظ للشركاء فلا تُدخل على بيت المال ضرراً، بمعنى أن بيت المال لا يتحمل أجرة القسمة، بل يتحملها الشركاء؛ لأنه لا علاقة لبيت المال في قطع خصومة ما، بحيث تحمل على بيت مال المسلمين.
[وأجرته على قدر الأملاك] كما ذكرنا، من كان له النصف فيدفع نصف أجرته، ومن كان له الربع فيدفع الربع، وهكذا.
قال رحمه الله: [فإذا اقتسموا أو اقترعوا لزمت القسمة].
قوله: (فإذا اقتسموا) النصيب، وجرت القسمة لزمتهم، بالأطراف، والأصل يقتضي هذا، وإلا فما هو المراد من قسمتها.