النقطة الثالثة: أن يكون عند الموسوس شعور أن ما أفتاه به العالم هو الذي عليه العمل ولو كان الأمر على خلافه.
أي: لو أنه سأل وما تذكر عند السؤال إلا هذا الأمر وسأل العالم عن هذا الأمر وأفتاه وقال له: زوجتك حلال؛ فهي حلال؛ لأنه ما تذكر الموسوس شيئاً آخر فليس بملزم، ويكون العمل على هذه الفتوى حتى يتبين ما يناقضها ويخالفها.
ولذلك يقولون: هذا من ناحية الحكم القضائي، وفيما بينه وبين الله عز وجل إذا جاءه الشيطان وقال له: كيف تستحل هذه المرأة وقد طلقتها؟ يقول: سألت عالماً وقال لي: زوجتي حلال، فأنا استحلها بما أفتى به أهل العلم، فإذا أصبح يرتبط بأهل العلم ارتاح.
ولذلك إذا صلى وجاءه الشيطان وقال له: كيف تصلي ووضوؤك مشكوكٌ فيه؟ يقول: سألت من يوثق بعلمه فأفتاني أن صلاتي صحيحة، ألا ترى أن المستحاضة تصلي ودمها يجري معها، وهي صلاة صحيحة شرعاً، فدل على أن الابتلاءات مقرونة بتقوى الله، ولذلك قال الله تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}[الحج:٣٧].
وما دام أن الموسوس اتقى ربه وسأل العالم، وأنزل المسألة بأهل العلم فأجيب بالجواب المعتبر شرعاً؛ فإنه يتعبد لله عز وجل بما أُجيب به، في مسائل العبادات والمعاملات، ويجري الموسوس كل أموره على هذا الأصل.