هلا فصّلتم أكثر في قول المصنف:(وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه ومني الآدمي.
طاهر)؟
الجواب
باسم الله.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: في الحقيقة أن السائل متأدب؛ لأننا نسينا الكلام على مني الآدمي، وجزاه الله خيراً.
اختلف العلماء: هل مني الآدمي طاهر أو نجس؟ وذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول يقول: إن مني الآدمي طاهر، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
والقول الثاني يقول: إن المني نجس سواءً من الرجل أو المرأة وهو مذهب المالكية.
والقول الثالث يقول: إن المني نجس، ولكن خُفف في طهارته، وهو قول الحنفية، فقالوا: إن كان يابساً يحك، وإن كان مائعاً رطباً يغسل، وهذه ثلاثة أقوال لأهل العلم، أصحها وأقواها: أن المني طاهر؛ وذلك لثبوت السُّنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه وإن بقع المني وأثرها في الثوب، ولذلك القول بطهارته قوي، وفيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقد اختلف في رفعه ووقفه:(إنما هو بمنزلة المخاط) فنزّل النبي صلى الله عليه وسلم المني منزلة المخاط بجامع كون كل منهما فضلة عن البدن، والمخاط طاهر بالإجماع، فكذلك المني طاهر، إلحاقاً للفرع بالأصل، هذا بالنسبة لمسألة المني، ولذلك لما نزل الضيف على أم المؤمنين عائشة وأصبح وقد احتلم، وإذا به قد غسل ثوبه أنكرت عليه عائشة، وقالت:(كنت أحتّه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه وإن أثره في ذلك الثوب).
فالأقوى: أن المني طاهر، والقول بنجاسته محل نظر، ولهم أدلة تكلمنا عليها في شرح بلوغ المرام، فمن أراد التفصيل والإسهاب فليرجع إلى شرح عمدة الأحكام أو بلوغ المرام، فقد ذكرنا فيه المسألة بالأقوال والأدلة والردود والمناقشات، والصحيح كما ذكرنا: أنه طاهر، ويجزئ فيه الحك إذا كان يابساً، ولا حرج عليك أن تصلي ولو كان في الثوب، والله تعالى أعلم.