للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جواز الحج عن الغير مع نية التجارة]

السؤال

إذا حججت عن امرأة متوفاة، وذلك مقابل مبلغٍ من المال، فما هي صيغة الدعاء لها؟ وهل يجوز لي أن أعمل بسيارتي بالإضافة للحج عنها، أثابكم الله؟

الجواب

ليست هناك صيغة معينة للدعاء، فيدعو الإنسان للميت دعاءً مطلقاً، ويدخل في هذا الدعاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من سؤال الله العفو والمغفرة له (قال: يا رسول الله! هل بقي عليَّ من بري لوالدي شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما).

فالدعاء مطلق، وأما ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام من دعائه أبي سلمة حينما دخل فسمع أهله يصيحون لما قضى، فقال: (لا تدعوا على أنفسكم فإن الملائكة يؤمنون، ثم قال: اللهم اغفر لـ أبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه)، فإذا دعا الإنسان لوالديه أو دعا للميت، فيقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر لفلانة، اللهم ارفع درجتها في المهديين، اللهم ارفع درجته في المهديين، واخلفها في عقبها في الغابرين، واغفر لنا ولها يا رب العالمين، وأفسح لها في قبرها ونور لها فيه.

فهذا الدعاء يثاب صاحبه؛ لأنه تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أرجى للإجابة؛ لما فيه من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والائتساء به، وهكذا الدعاء له بالمغفرة العامة لذنوبه صغيرها وكبيرها، والتجاوز عنه ورفع درجته، إلى غير ذلك من الأدعية المطلقة، فلا حرج فيه، فإذا حج الإنسان عن ميت دعا له واستغفر له وترحم عليه، وخاصة في مواطن ومظان الإجابة.

أما إذا حججت عن إنسان وأردت أن تعمل بسيارتك في الحج، فالصحيح أن الحج لا يمنع التجارة، لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:١٩٨]، فإنها نزلت فيمن يريد الحج والتجارة، وهذا يدل على أنه إذا كانت نية العبادة هي الأصل، ونية الدنيا تبعاً، فإن ذلك لا يؤثر، ومن أمثلتها: إذا درس الطالب على أساس أن يكون موظفاً وينتفع بدراسته، فإنه إذا نوى أن يطلب العلم لنفسه ثم بعد ذلك ينتفع بمصلحة الدنيا فلا حرج؛ لأن الله تعالى يقول: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:١٩٨]، فجعل نية الدنيا تبعاً لنية الآخرة، ولم يؤثر في الحج أن يكون قصد من ورائه التجارة، وعلى هذا فإنه لو سأل الله الرزق بسيارته أو دابته أو بنفسه، أو اشتغل في حمل متاع أو نحو ذلك، فلا حرج عليه، وهكذا إذا صنع طعاماً، ولكن لا يشغله عن المقصود الأهم من ذكر الله عز وجل وإقامة شعائره في حجه.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>