للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ما يحرم على المرأة حال الإحرام]

قال رحمه الله: [وإحرام المرأة كالرجل إلا في اللباس، وتجتنب البرقع والقفازين وتغطية وجهها، ويباح لها التحلي].

ويباح للمرأة أن تلبس الحلي؛ لأن الأصل جوازه حتى يدل الدليل على تحريمه، ولم يوجد دليل في كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم يدل على تحريم لبس الحلي للمرأة في حال إحرامها، بل ولا في حال حلها، قال الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨]، فجماهير أهل العلم والسلف في تفسير هذه الآية على أن المراد بها المرأة، ولذلك تغلبها العاطفة فلا تبين خصامها، وقالوا: إن الله تعالى قال: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [الزخرف:١٨]، وقال سبحانه وتعالى: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر:١٢] فامتن سبحانه وتعالى باستخراج الحلي للبس، ولم ينه سبحانه وتعالى عن ذلك ولم يحرمه، ولم يفرق بين محلق ولا غيره.

وكذلك ثبت في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة في حديث أم زرع المشهور: قالت أم زرع: (أناس من حلي أذني.

قالت عائشة: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كـ أبي زرع لـ أم زرع)، وثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: أنه لما ندب النساء إلى التصدق يوم العيد، قالت رضي الله عنها: (فجعل النساء يلقين من حليهن وأقراطهن)، فدل على أن هناك ذهباً غير الذهب المتعلق بالقرط وهو قولها: (من حليهن) حيث عممت، وهذا هو الأقوى.

وقال بعض السلف رحمة الله عليهم كـ ربيعة الرأي: إنه يحرم لبس الذهب المحلق في حال الإحرام وفي حال الحل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه الوعيد في لبسه كما في الحديث المختلف في إسناده أنه قال: (من أحب أن يسور حبيبه بسوارين من نار فليسوره) قال: فهذا يدل على عدم جواز لبس الذهب المحلق.

وقد أجاب العلماء: أن أحاديث التحريم أضعف سنداً من أحاديث الحل، وعلى فرض صحتها وثبوتها فإنها لا تقوى على معارضة ما هو أصح منها.

ثانياً: أنها تعارض الأحاديث التي شهد الكتاب بصحتها واعتبارها، وهي أحاديث الحلي، مع أن ظاهرها أنها كانت في آخر عهده صلوات الله وسلامه عليه؛ لتأخر رواية الصحابة الذين رووها، وقالوا: إنها أقوى وأولى بالاعتبار، حتى قال بعض العلماء: إن هذا يدل على أن التحريم للذهب المحلق كان في أول الأمر، وهذا مسلك يقوله غير واحد من أهل العلم: أنه كان في أول الأمر يحرم لبس الحلي المحلق على النساء، ثم نسخ ذلك وجاءت الرخصة والتوسعة من الله عز وجل.

والشاهد معنا: أن المرأة لا يحظر عليها لبس الحلي حال الإحرام أو غير الإحرام، وأن هذا لا يعتبر من محظورات الإحرام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>