[حكم تكبيرة الانتقال إذا دخل المصلي والإمام راكع]
السؤال
رجلٌ دخل المسجد والإمام راكع، فدخل معهم في الصلاة، وجعل تكبيرة الإحرام والركوع تكبيرة واحدة، فهل هذا يجزئه؟
الجواب
قال بعض العلماء: لا بد من التكبيرتين.
وقال بعضهم: تجزيه تكبيرة واحدة.
وهذا هو الصحيح.
وهذا ظاهر؛ فإن النصوص لم يرد فيها الإلزام بالتكبيرتين، لكن الذين قالوا بالإلزام قالوا: لأنه يكبر التكبيرة الأولى للإحرام، والثانية: للركوع.
وهذا محل نظر؛ لأنه لو جاء والإمام ساجد فإن قالوا: يُكَبِّر أيضاً تكبيرتين، فحينئذٍ نقول: إنه ليس في حال قيام؛ لأن تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة وللقيام، فلذلك ليس ثم ركن قيام إذا كان ساجداً.
وبناءً على ذلك قال بعض العلماء الذين يقولون بالتكبيرة الواحدة: لو كبَّر تكبيرتين لم يجزه؛ لأنه إذا كبر في القيام لزمته القراءة، وهو لم يقرأ ويريد أن يركع، ولذلك قالوا: لا يصح منه.
والصحيح: أنه يجزيه؛ لأنه كبَّر للقيام في وقتٍ لا يتسنى له فيه قراءة الفاتحة فسقطت للعجز فأجزأه أن يُكَبِّر، فمن فعل هذا فلا حرج، ومن فعل هذا فلا حرج، لكن الأشبه والأقوى أن يُكبِّر تكبيرةً واحدة، وهذا أصل خَرَّجَهُ العلماء على القاعدة الشرعية: (اندراج الأصغر تحت الأكبر)، وهذا له ضوابط كثيرة، فالأصغر هو تكبيرة الركوع، والأكبر تكبيرة الإحرام، فاندرج الأصغر تحت الأكبر.
ولذلك لو جئت وأنت متأخر والإمام في الركعة الثالثة واقف فإنك تكبر تكبيرةً واحدة مع أن الإمام تعتَبر صلاته في الثالثة، فإذا كان كذلك فمعناه أن عليك تكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام للثالثة؛ لأنه قام لها الإمام ولها تكبيرة خاصة.
فقالوا: أصل الاندراج يَدُلُّ عليه.
وله نظائر في العبادات والمعاملات، ومن نظائره في المعاملات أن يسرق الإنسان -والعياذ بالله- ويزني ويقتل، فقالوا: إن حد القتل يأتي عليها جميعاً.
فلو كان محصناً فزنى وقتل فإنه يُقتَل بالقصاص، فيُعتَبر قتله قصاصاً يندرج تحته قتله بالرجم، ولا حاجة أن يُرجَم، ولذلك يقولون: يندرج الأصغر تحت الأكبر؛ لأن حَدَّ القتل أعظم من حد الزِّنا في الأصل، بدليل تنوع حد الزنا وعدم تنوع حد القتل، قالوا: فاندرج الأصغر تحت الأكبر.
وهو مذهب بعض الصحابة رضوان الله عليهم الذين يقولون بالاندراج.
وتتفرع على هذه القاعدة فروع منها هذه المسألة، وهي أنه لو قدم والإمام راكع، فقالوا: يُكَبِّر تكبيرةً واحدة، فتندرج تكبيرة الركوع تحت تكبيرة الإحرام.
نسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وموجباً لرضوانه العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.