وهنا أقول كلمة: والله ثم والله! ليس هناك أبرك من طالب العلم، ولا أعظم خيراً ولا أحسن عاقبة من معاملته لله عز وجل، فعليه أن يعلم أن عزته في الله وحده، وأن علمه من الله وفهمه، فإن الله هو الذي علمه ما لم يكن يعلم، وأن فضل الله عليه عظيم، فيعترف بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا يبحث عن القشور التي عند الناس.
من حقك أن تعترف بفضل غيرك عليك تبعاً لفضل الله، والمخلوق ليس له فضل كفضل الخالق، إنما فضله تبع، ولذلك تشكر الناس، لكن شكرهم تبع لشكر الله سبحانه وتعالى، فهو الذي علمك وفهمك، ولذلك فلا يغتر الواحد بمشايخه وبعلمائه؛ لأن هذا الغرور سيدعوه أن يرد أقوال العلماء وانتقاص الآخرين، والحط من فتاوى العلماء.
ولهذا أوصي طلابي أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم، وعليهم أن يستندوا إلى الحق؛ لأن الحق يستمد قوته من ذاته، ويبينوا للناس ما ترجح عند شيخهم، أو عند من قرءوا عليه، ولكن لا يحطموا أهل العلم، ولا ينتقصوا قدر العلماء، وما وجدنا أهل العلم يؤلفون الكتب أو يفتون أو يعلمون من أجل الحط من أقدار العلماء الآخرين، وإنما زادهم العلم اعترافاً لأهل العلم بفضلهم، واعترافاً لكل ذي حق بحقه.
وأوصي طلابي أن يتقوا الله عز وجل، وأن لا يتخذوا من تعلمهم وسيلة للعجب إلى درجة نسيان حقوق العلماء الآخرين، وإذا جاءك أحد بقول مخالف لقولك الذي قرأته، فاعلم أنك إذا اعتقدت حكماً شرعياً، وعندك فيه دليل من كتاب وسنة، ممن يوثق بعلمه في فهم هذا الحديث؛ فقد أعذرت إلى الله.