للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم من ترك الصلاة لمرض ثم مات]

السؤال

والدي -رحمه الله- قبل أن يتوفى ترك صلاة عشرة فروض لمرضه، فقد نُصِح من قِبَل الأطباء بعدم الحركة، فما الحكم، مع العلم أنه كان محافظاً على الصلاة ولا يتركها؟ أثابكم الله.

الجواب

الله المستعان! لا يجوز للمسلم أن يترك الصلاة، ولا يجوز له أن يخرجها عن وقتها إلا إذا أُذِنَ له شرعاً بذلك، كما في حالة الجمع إذا كان ممن يُرَخَّص له أن يجمع بين الصلاتين وأخَّر الأولى إلى وقت الثانية، أما غير هؤلاء فلا يجوز لهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها، كما قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:٤ - ٥]، توعدهم الله بـ (ويل)، حتى قال بعض أئمة السلف: إنه وادٍ في جهنم لو سُيِّرَت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره، فما أضعف الإنسان أن يطيق عذاب الله عزَّ وجل! فأمر الصلاة عظيم! لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، فضلاً عن تركها بالكلية.

أما بالنسبة للمريض: فإن أمكنه أن يصلي على حالته يصلي، في القيام والركوع والسجود، ويفعل أركان الصلاة، وأما إذا لم يمكنه فإنه يؤدي الصلاة على قدر طاقته، حتى ولو بالإيماء برأسه، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، فقد قال صلى الله عليه وسلم لـ عمران بن حصين -رضي الله عنه- لما ابتُلي بالبواسير: (صَلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]).

فعلى المرضى وعلى قرابة المرضى أن ينبهوهم أنهم إذا عجزوا عن أفعال الصلاة أنهم يصلون ولو بالإيماء، ولا يكلفهم الله عزَّ وجل إلا ما في وسعهم.

وأما بالنسبة للوالد فلا تملك إلا أن تدعو الله له؛ خاصةً أنك لم تتبيَّن هل صلى فعلاً أو لا؛ لأن حكمك عليه بعدم الصلاة يحتاج أن يخبرك أنه لم يُصَلِّ، فلربما كان المريض لا يتحرك ولا يتكلم، ولكنه يصلي في قرارة نفسه، ويعلم هذا الحكم، خاصةً وأنه كان محافظاً على الصلاة، ونسأل الله العظيم أن يجعل الأمر كذلك، أنه صلى ولم تستطع أن تحكم عليه بعدم الصلاة؛ لأنه كان ممنوعاً من الحركة.

أما إذا كان أخبرك بأمره، وكان يظن أن الصلاة ساقطة عنه لمكان المرض، فهذا جهلٌ، ويجعل بعضُ العلماء مثل هذه المسألة من المسائل التي يُستثنى ويُعذر فيها للجهل، وحينئذٍ يكون الحكم فيه أن أمره إلى الله تعالى، ولا يلزم الورثة في هذا الأمر شيء؛ لأن الصلاة لا تدخلها النيابة، ولا يمكن أن تُقضى عن الأموات.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>