قال رحمه الله:[من صح تبرعه من زوجة وأجنبي صح بذله لعوضه] الخلع مشروع بدليل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما الكتاب: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة:٢٢٩]، فأحل للمرأة أن تدفع الفدية، وهي فدية الخلع، فترد للرجل مهره وتخالعه، ونفى الحرج فقال:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}[البقرة:٢٢٩]، وقد تقرر في علم الأصول أن صيغة (لا جناح) و (لا بأس) و (لا حرج) من صيغ الإباحة، فلما قال تعالى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة:٢٢٩]، دل على أنه لا حرج في ذلك وأنه من المباحات.
وأما دليل السنة: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اشتكت إليه امرأة ثابت بن قيس بن شماس، وقالت له عن ثابت:(والله ما أعيبه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر بعد الإسلام)، قال عليه الصلاة والسلام:(أتردين عليه حديقته؟ -أي: مهره الذي أمهركِ إياه- قالت: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم لـ ثابت: اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة)، فدل على مشروعية الخلع، وأنه لا بأس به إذا اشتكت المرأة وأرادت أن تخرج من عصمة الرجل، وأجمع المسلمون من حيث الجملة على مشروعيته.