هل يجوز شراء الذهب بالعملة التي رصيدها ذهب، علماً أن بائع الذهب لا يبيعه بنفس قيمة الرصيد للعملة؟
الجواب
إذا كانت العملة رصيدها ذهباً كالجنيهات والدولارات والدنانير والليرات -فهذه كلها رصيدها ذهب- فلا يشترى بها الذهب إلا إذا تحققت المثلية؛ لأن الورق له رصيد، وإلغاء الرصيد لا يؤثر في الحقيقة؛ لأنه أخذ ودفع الورق مستنداً على الرصيد، ومستند الدين لا يلغى بحال، ولو ألغي عرفاً لا يلغى شرعاً، ولذلك لو قيل: إنه يلغي، فالله ما أمرنا بزكاة الأوراق، وإن قيل: الورق له قيمة فورق الكتب له قيمة وورق الصحف له قيمة.
إذاً: القيمية في الورق لا تستلزم أنه تجب فيه الزكاة، وإذا ثبت هذا: فإن هذه الأوراق ينظر إلى رصيدها، فما كان فضة لا تشترى به الفضة إلا مثلاً بمثل، وما كان ذهباً فلا يبادل بذهب إلا بإدخال الوسيط، فالدولار يحول إلى ريال ثم يحول إلى جنيهات ونحو ذلك، ولا ينقل من ذهب إلى ذهب ولا يشترى به الذهب، وإنما يشترى الذهب بالفضة وتشترى الفضة بالذهب خروجاً من شبهة الربا؛ لأن قاعدة الربا:(الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل) يعني: إذا لم نتحقق من المثلية بمبادلة الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة فإنه لا يجوز البيع؛ وأصل هذه القاعدة مستنبط من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه وأرضاه في قصة القلادة التي غنمها من خيبر، فإنه اشتراها بعشرين ديناراً وقيل: بأكثر من خمس وعشرين ديناراً ثم وجد فيها بعد فصلها من الذهب ما يعادل خمسة وعشرين ديناراً، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع القلادة حتى يفصل الذهب عنها؛ لأنه إذا كان معها الفصوص جهل الوزن، فجعل عليه الصلاة والسلام الجهل بالوزن حتى تتحقق المثلية كالعلم بالتفاضل، فيحرم بيعها حتى تفصل، ومنه استنبط العلماء والأئمة هذه القاعدة في الربا:(أن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل) فكل شيء يباع بمثله من نفس صنفه لابد أن نتحقق من المثلية فيه، صاع بصاع، كليو بكيلو، فإذا شككنا وليس عندنا شيء يجزم بأنه متساوٍ امتنعنا من البيع؛ لأن جهلنا بهذا التماثل كأننا تحققنا من التفاضل، أي: يقع الربا شئنا أم أبينا، فقالوا: من هذا الحديث تستنبط القاعدة: (الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل).