[حكم الاقتداء بالإمام مع رؤيته وعدمها]
يقول رحمه الله: [فصل: يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره].
هذا كما في الأعمى، فإنه يصح اقتداؤه به، خاصة أنه إذا كان داخل المسجد فإنه سيرى من يقتدي بالإمام، وسيعلم بأفعال الإمام من جهة المأمومين الذين يصلون معه.
قال رحمه الله تعالى: [ولا من وراءه إذا سمع التكبير وكذا خارجه إن رأى الإمام أو المأمومين].
أي: كذلك إذا لم ير من وراءه، بشرط سماعه للتكبير، وهذا أحد المذاهب عن العلماء رحمة الله عليهم، فيقولون: المهم عندنا أن يكون في المسجد، كما هو مذهب الحنابلة، ووافقهم الشافعية رحمة الله على الجميع.
فيقولون: ما دام أنه داخل مسجد واحد وموضع واحد يصلي مع الإمام، فيستوي ألا يراه ويرى المأمومين، أو لا يراه ولا يرى المأمومين، لكن المهم أن يسمع الصوت.
قوله: [وكذا خارجه إن رأى الإمام أو المأمومين].
ظاهر السنة أن الصلاة تصح إذا رأى المأموم الإمام أو المأمومين.
فيقولون: إن هذا يدل على أن الأصل أن يرى الإمام أو من يقتدي بالإمام داخل المسجد؛ لأنه إذا لم ير الإمام لم يأمن أن تختلج أفعاله، ولا يأمن عند سهو الإمام ألا يدري ماذا يصنع، كما لو سها في الرباعية فقام الإمام بدل أن يجلس للتشهد، فإنه لا شك إذا لم ير الإمام ولا من يقتدي بالإمام أن يقع منه هذا اللبس.
لكن قالوا: إنه يصح الاقتداء ولو لم يرَ أحداً قياساً على الأعمى.
وأكدوا هذا بحديث الحجرة أيضاً، فإنهم ائتموا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون صوته ولا يرون شخصه، قالوا: لأن الحجرة مع المسجد كالشيء الواحد، فاستثني هذا.
فهذا حاصل ما قيل إذا كان داخل المسجد، أما إذا كان خارج المسجد فجماهير أهل العلم لا يصححون الصلاة إلا برؤية الإمام، أو من يقتدي بالإمام، ولا يكون هذا إلا باتصال الصفوف؛ لأنها هي الإمامة الحقيقية، وهي السنة والهدي والاقتداء.
أما لو كان لا يرى الإمام ولا يرى المأمومين وهو منفصل عن المسجد، كأن يكون في بيت بينه وبين المسجد طريق، أو بينه وبين المسجد بيوت، ويسمع عن طريق الأجهزة الموجودة الآن فإنه لا يصح اقتداؤه ولا تصح متابعته.
وهكذا لو سمع عن طريق الأجهزة التي تنقل، كالراديو ونحوه، فإنه لا تصح صلاته؛ لأنه غير مؤتم حقيقة بالإمام.
فلذلك قالوا: لابد وأن يرى الإمام أو من يقتدي بالإمام.