للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الماء الطهور أمثلته وأحواله]

بعد أن قسمنا الماء إلى ماء طهور وماء طاهر وماء نجس.

نقدم بمقدمة ثانية: الماء الطهور وصفناه بكونه باق على أصل خلقته، ومثاله: ماء البئر، فإنك إذا حفرت بئراً واستخرجت الماء استخرجت ماءً باقياً على أصل خلقته: {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون:١٨] فالله أسكن هذا الماء الذي نزل من السماء في الأرض، فإذا خرج خرج على أصل خلقته سواءً خرج من بئر، أو من عين، كل ذلك نسميه: ماءً طهوراً، ومثل ماء البئر: ماء العين، وماء النهر، وماء السيل، لكن ماء السيل قد يقول لك قائل: إن السيل يمشي على وجه الأرض فيختلط بالتراب حتى يصير لونه أحمر أو غالباً إلى الحمار مع ضرب من السواد والأحمر القاتم، وأنت تقول: يشترط في الطهور أن يبقى على أصل خلقته، وهذا لم يبق على أصل خلقته، إذاً ليس بطهور.

و

الجواب

أن الماء الطهور يحكم بكونه طهوراً إذا بقي على أصل خلقته أو تغير بشيء يشق احترازه عنه، فماء النهر لو نبت فيه الطحلب -وهو نوع من أعشاب البحر- فأصبحت رائحة الطحلب أو طعمه في الماء، نقول: هذا ماء طهور، وإن كان قد تغير بالطحلب الطاهر.

إذاً: الماء الطهور إذا تغير بطاهر فلا نحكم بتغيره في حالات الضرورة، وهي الحالات التي لا يمكن للإنسان أن يفك الماء فيها عما غَيَّره، مثل: اختلاط التراب بماء السيل، ومثل ماء القربة، فإنك إذا وضعت فيها الماء وجئت تشرب تجدُ رائحة القربة في الماء، ويكون الماء قد تغيرت رائحته وقد يتغير طعمه، فلا تقل: تغير بطاهر فهو طاهر، لا؛ لأنه تغير بشيء يشق التحرز عنه، هذا بالنسبة للماء الطهور.

إذاً الماء الطهور له حالتان: الحالة الأولى: أن يقال لك: توضأ من هذا الماء الطهور واغتسل منه بدون كراهة، كما لو جئت إلى بركة ماء -والماء فيها على خلقته- فسألت الفقيه وقلت له: هل يجوز أن أتوضأ من هذه البركة؟ قال لك: نعم يجوز بالإجماع؛ لأنه ماء طهور باق على أصل خلقته.

لكن هناك حالات يقول لك: يجوز ولكن مع الكراهة، حيث يكره لك أن تتوضأ بهذا النوع من الماء ولو كان في الأصل طهوراً، وسنبين ذلك إن شاء الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>