حكم من كان وارثاً أو غير وارث قبل الوصية ثم تغير حاله
قال رحمه الله:[وإن أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث؛ صحّت، والعكس بالعكس].
قوله:(إن أوصى لوارث) نستطيع أن نمثل لهذه المسألة بمثال يكون أصلاً لغيره، فمثلاً: الأخ لا يرث مع وجود الابن الذكر؛ لأن كلاً منهما يرث بالعصبة، فعصبة الأخوة بعد البنوة.
فإذا أردت أن تجعله في حال الوصية وارثاً، وتجعله عند الموت غير وارث، فتجعل الرجل بدون ابن، ثم يوصي لأخٍ، فحينئذٍ الأخ وارث، فإذا وُلِد له الولد صار غير وارث عند الموت، فإذا وَصَّى لأخٍ على أنه وارث، مع أنه كان وارثاً أثناء الوصية، ثم وُلِد له ابن ذكر، وتُوفِّي، فقد أصبح الوارث -وهو الأخ- غير وارث بعد الموت، فتصح الوصية؛ لأن العبرة في الوصية بما بعد الموت، ولذلك يستطيع أن يُلغيها ويستطيع أن يرجع فيها، ولا عبرة بالقبول قبل الموت، وكل شيء موقوف فيها على ما بعد الموت، فنحن لا ننظر إلى ما كان عليه هذا الشخص، وهو أن الأخ قبل الموت وأثناء كتابة الوصية أو التلفظ بها كان وارثاً، لكن المهم هو ما كان عند الموت، فلما توفي الرجل إذا به قد أصبح غير وارث، ويكون هذا عند حال الشك، فتكون زوجته مثلاً حاملاً فيوصِي، فإذا كانت أنثى فالأخ له الباقي؛ لأنه عصبة، وإذا كان ذكراً، فحينئذٍ ليس للأخ من شيء.
وفي بعض الأحيان الأفضل للأخ أن يكون ذكراً، وبعض الأحيان يكون العكس، فمثلاً: قد يكون وارثاً ويوصي له، مثل الأخ، فقد يكون غير وارث ثم يصبح وارثاً، فقال: أَعطوا أخي فلاناً عشرة آلاف ريال من ثلثي وصية، وعنده ولد ذكر، فالأخ غير وارث مع وجود الولد الذكر، فأخذ الموصي بالسنة فوصَّى لقريب لا يرث، فشاء الله أن تكون منية الابن الذكر قبل أبيه، فتوفي بحادث وجاء الخبر لوالده فمات، فحينئذٍ الأخ الذي لم يكن وارثاً أصبح وارثاً؛ لأنه لما توفي الابن في هذه الحالة تقدمت درجة الأخوة، وأصبح الأخ في هذه الحالة من الوارثين، لكنه عند الوصية كان غير وارث، فالعبرة بما بعد الموت، فحينئذٍ تكون وصية لوارث، وعلى هذا فيكون الحكم واحداً؛ لأنه من حيث الأصل هو الذي وصِّي له، وهو الذي يرث المال، بمعنى: هو الذي يوصي له، وهو الذي يكون مسئولاً عما زاد إذا لم يترك غيره.
وقوله:(والعكس بالعكس).
أي: إن كان غير وارث فأصبح وارثاً، أو وارثاً ثم أصبح غير وارث، فالحكم بما بعد الموت، ولا تأثير لما تقدم على ذلك.