قال رحمه الله: [ويقع بلفظ (كل الطلاق) أو (أكثره) أو (عدد الحصى) أو (الريح) أو نحو ذلك ثلاثاً ولو نوى واحدة].
قال رحمه الله:(ويقع بلفظ (كل الطلاق).
هنا يكون اللفظ للأكثر، وينوي أن يكون اللفظ للأكثر فيقول:(أنت طالقٌ كل الطلاق) أو يقول: (أنت طالق بالثلاث)، وينوي واحدةً، فإنها ثلاث ولا تؤثر نيته؛ لأن اللفظ لا يحتمل الواحد، وقد جاء باللفظ الصريح الدال على استغراق التطليقات الثلاث؛ فإنه ينفذ عليه كل الطلاق؛ وكلمة:(كل) تفيد العموم، ولذلك لو أن شخصاً قال: والله! لا أكلم كل الناس، فإنه يحنث بتكليمه لأي فردٍ منهم، ونحن في شرع الله نحكم بكونه حانثاً ونلزمه بذلك إذا كلم واحداً منهم، فدل على أن كلمة:(كل) تفيد العموم، حتى أن الأصوليين -رحمهم الله- يقولون: إن من ألفاظ العموم لفظة (كل)، فإذا قال لها:(أنت طالق كل الطلاق) كان كقوله: (أنت طالقٌ بالثلاث).
(أو أكثره).
أو أكثره، الحقيقة أكثر الطلاق هذا مُحكم، أكثر الطلاق مشكل.
ولذلك هذه الصورة الأشبه فيها: أن ينوي الأقل مع احتمالٍ في اللفظ -أي أن نيته الأقل مع تردد في اللفظ-؛ لأن الطلاق فيه أقل وفيه أكثر، وأقل الطلاق كطلقة وأكثر الطلاق ثلاث، وبناءً على ذلك قال بعض العلماء: إن عندنا كثير وأكثر، فهو إذا قال لها: أنت طالقٌ أكثر الطلاق.
الواحدة أقل الطلاق، والاثنتان أكثر من الواحدة، لكن لما قال: أكثر صيغة أفعل، فالمراد أكثر من كثير -والكثير اثنتان، فأكثر من الاثنتين الثلاث- فتخرج على هذا الوجه أن تكون ثلاثاً.
(أو عدد الحصى).
أو (أنت طالقٌ عدد الحصى): -هذا ما شاء الله! ما أبقى من الطلاق شيئاً!! فهذا الظاهر أنه مغتاظ من زوجته -نسأل الله السلامة- إذا قال لها: أنت طالق عدد الحصى، معناه: أنه يريد الثلاث قطعاً؛ فتحرم بالثلاث.
(أو الريح).
عدد الريح؛ لأن الريح عددها فوق الثلاث قطعاً، فإذا قال لها:(أنت طالقٌ عدد الريح)، أو (عدد الحصى) أو (عدد الناس) أو (عدد النمل) أو (عدد الجبال) أو (عدد الرمال).
ونحو ذلك، هذا كله واضح أنه يريد الأكثر وهو الثلاث.
(أو نحو ذلك).
أي: أن يأتي بما يدل على الثلاث فأكثر؛ لأن عدد الريح فوق الثلاث، وعدد الحصى فوق الثلاث، وعدد الرمل فوق الثلاث، وكذا عدد الجبال وعدد الناس، فهو إذا قال لها: أنت طالقٌ عدد الحصى أو عدد الريح، كما لو قال لها: أنت طالقٌ ثلاثاً فأكثر.