[وجوب النية عند أول واجبات الطهارة]
قال رحمه الله: [ويجب الإتيان بها عند أول واجبات الطهارة] بعد أن بين نوعية النية، والشيء الذي تقع له النية، شرع رحمه الله في بيان موضع النية ومكان النية، فقال رحمه الله: (ويجب الإتيان بها) أي: يجب الإتيان بالنية.
قوله: (عند أول واجبات الطهارة) فأول واجبات الوضوء: إن كان مستيقظاً من النوم فأول واجب عليه أن يغسل كفيه ثلاثاً، فيجب عليه أن يأتي بالنية عند أول هذا الواجب.
وإن قلنا بوجوب المضمضة والاستنشاق، فإنه في حالة ما إذا كان مستيقظاً تكون نيته عند إرادته المضمضة والاستنشاق.
وإن قلنا بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق، فإن أول مفروض واجب بالإجماع هو الوجه، فيكون إتيانه للنية واستحضاره لها عند غسله للوجه.
فإن سبقت النية هذا الواجب، فلا يخلو سبقُها من أمور: إما أن يكون بفاصل يسير غير مؤثر.
وإما أن يكون بفاصل مؤثر.
وتوضيح ذلك: لو استيقظ إنسان من نومه، ثم نوى أن يتوضأ، وأحضر الإناء، وصحِبت نيتُه سكبَ الماء في الإناء، ثم غسل يديه وشرع في وضوئه، فإن هذا الفاصل: إحضار الإناء ووضع الماء فيه، فاصل يسير، فهذا الفاصل غير مؤثر، فهو مع أنه أثناء غسله لكفه لم يستحضر نية الوضوء صح وضوءه؛ لأن الفاصل غير مؤثر، أما لو كان الفاصل بين الواجب وبين النية فاصلاً مؤثراً، فإنه يلزمه أن يعيد وضوءه، كمن لم ينوِِ؛ لأن الفاصل إذا طال اعتبرت النية لاغيةً بسببه، كالحال في الصلاة ونحوها من العبادات.
قال رحمه الله: [وهو التسمية] أي: تجب النية عند التسمية، ونحن قلنا: إن الصحيح أن التسمية ليست بواجبة، لكن المصنف اختار وجوبها.
وبناءً على القول بوجوب التسمية، تكون النية عند التسمية.
وهناك قول في وجوب التسمية يفصِّل بين نسيانها وعدم نسيانها، فإن نسيها عند غسله لكفيه صح وضوءه، على القول بأن نسيانه يسقط المطالبة والمؤاخذة.
إذاً: للنية حالتان: تجب عند أول واجب، ويختلف ذلك باختلاف العلماء: فإن قلتَ: التسمية واجبة عند الوضوء، فينظر: فإن كان بين التسمية والوضوء فاصل مؤثر لم تعتبر نيته ولا تسميته، وإن كان الفاصل غير مؤثر اعتبرت تسميته ونيته.
وإن قلنا: أن أول الواجبات هو المضمضة والاستنشاق، فتكون نيته عند إرادة المضمضة والاستنشاق.
وإن قلنا: إن أول واجب هو غسل الوجه، كانت نيته واجبة عند ابتدائه بغسل وجهه.