[الوسائل المعينة على صدق التوبة والاستقامة]
السؤال
إذا منّ الله تعالى على الشاب بالاستقامة، وعلم أنه طريق الحق، وعلم أن الشيطان له بالمرصاد فكيف يقاومه والشيطان يحاربه ببعض ذنوبه السابقة الخطيرة: كالنظر إلى المردان، وحب مجالستهم، بينوا ذلك؟
الجواب
الله المستعان! أحب دائماً أن الإنسان إذا سأل أن لا يمثل، فإذا كان الإنسان في نفسه مبتلى بأشياء فلا يذكرها؛ لأنه ربما سمع إنسان هذا فظن بالصالحين سوءاً، وهم أرفع -إن شاء الله- من هذه الأمور؛ ولذلك أنا لا أحب في المحاضرات والندوات أن تذكر مثل هذه الأمور لئلا يساء الظن بالأخيار، ويظن أن هذا موجود بينهم، وإنما هذه قضايا فردية قد تقع لبعض الإخوان فينبه على هذا، حتى لا يظن بهم ظن السوء.
إذا منّ الله عز وجل على العبد بالاستقامة والتمسك بالدين والالتزام بشريعة الله رب العالمين، فما عليه إلا أن يعض عليها إلى لقاء الله إله الأولين والآخرين، تمسك بحبل الله واعتصم بشريعته ودينه، واجعل الجنة والنار أمام عينيك، وفر من الله إلى الله.
أما ما ذكرت من الذنوب والخطايا والعيوب فإن الله لها، وهو مفرج الهموم والغموم والكروب، إذا ذكرك الشيطان بالماضي فادمع على ما كان دمعة الندم، وأخرجها من القلب بكل شجن وألم، وأحسن الظن بالله جل جلاله؛ فإنه يتوب على التائبين، ويمحو بفضله وإحسانه ذنوب المسيئين.
أقبل على الله إقبال الصادقين المنيبين وأحسن الظن به؛ فإنه الله رب العالمين، لا يخيب من رجاه، ولا من سعى إليه ودعاه، فأحسن الظن به سبحانه وتعالى جل في علاه.
أخي في الله! أوصيك بمجالسة الأخيار، وكثرة تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، فإنها تجلي عن القلوب العمى، وتعينها على التمسك بسبيل الهدى، أوصيك أخي في الله أن تكثر من ذكر الله فإنه حصنٌ حصينٌ من عدو الله، فما ذكر عبدٌ ربه إلا ذكره الله، ومن ذكر الله في ملأٍ ذكره في ملأٍ خير من الملأ الذين ذكره فيهم، فأكثر من ذكر الله، واعتمد على الله وأحسن الظن به، ألا وإن من أعظم الأسباب التي تثبت القلوب على سبيل المنهج والصواب: كثرة ذكر الموت والبلى، وقرب المصير إلى الله جل وعلا.
اجعل الموت أمام عينيك، وأكثر من ذكر تلك الساعة التي تكون فيها واقفاً على آخر عتبة في الدنيا، أكثر من ذكرها، فوالله إنها تقض مضاجع الصالحين، وتعين على التمسك بالطاعة والدين، وكلما دعتك النفس إلى الشهوات والملهيات والمغريات فذكرها بساعة الموت والسكرات.
واجعل القبر أمام عينيك، واستشعر مثل هذه الساعة وأنت وحيد فريد لا مال ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون، وأكثر من ذكر الآخرة، فإنها تعين على الثبات وتثبت القلوب إلى الممات.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يثبتنا بالقول الثابت، اللهم إنا نسألك الثبات إلى الممات، اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان، اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان، اللهم منّ علينا بالصحة والغفران، اللهم إنا نعوذ بوجهك العظيم من الانتكاسة بعد الهدى، اللهم إنا نعوذ بوجهك العظيم من الضلال بعد الهدى، ومن العمى بعد البصيرة، ومن الحور بعد الكور، يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا، يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا.
اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا نادمين، ولا مفتونين ولا مبدلين، يا ذا الجلال والإكرام! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.