للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الجمع بين عدم الإذن للأعمى بالتخلف عن الجماعة والإذن بالتخلف لعذر المطر ونحوه]

السؤال

كيف نجمع بين مشروعية التخلف عن صلاة الجماعة لعذر خوف الضرر الشديد حال المطر والوحل والريح الشديدة، وعدم إذن النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى الكبير في السن بالتخلف عن صلاة الجماعة بعد أن سمع النداء؟

الجواب

باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن العلماء رحمهم الله أخذوا من حديث ابن عمر الثابت في الصحيح أن المؤذن إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال: الصلاة في الرحال.

فأخذوا من إذن الشرع بالصلاة في الرحال وسقوط الجماعة مع وجود المطر دليلاً على أنه إذا وُجِدت المشقة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة فإنه يترخص بترك الجماعة، وهذا معنىً صحيح.

وأما حديث الأعمى الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أتسمع النداء؟) قال: نعم.

قال: (فأجب)، وفي رواية أخرى: (ما أجد لك رخصة) فقد قال العلماء فيه: سماعه يدل على قربه، ولذلك أمره بشهود الجماعة لمكان القرب.

ثم إنه إذا حضر ليست هناك ريح شديدة، فإن الريح الشديدة تعيق الإنسان وتدفعه عن المضي إلى المسجد وإلى شهود الجماعة، بخلاف العذر الذي هو مطلق، كقول الأعمى رضي الله عنه (تكون الظلمة والسيل والمطر)، فإنه لا يدل على سقوط الجماعة بعد وجوبها.

ولبعض العلماء رحمة الله عليهم من المتأخرين جواب آخر لو صح لكان أقوى، حيث قالوا: الذي يظهر أن حديث الأعمى متقدم، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط الصلاة بعذر المطر فقال: الصلاة في الرحال.

لأن الأعمى قال: (إنه تكون الظلمة والسيل والمطر، وليس لي قائد يقدوني)، فكانت عزيمة في أول الأمر، ثم جاء التخفيف، فيكون من نسخ الأثقل بما هو أخف.

وهذا القول لو صح فثبت أن التخفيف بالمطر ونحوه متأخر، وثبت ما يدل على التأخر فلا شك أنه يزيل الإشكال.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>