قول المصنف رحمه الله:(بمرور كلبٍ أسود) هل المراد به هذا الكلبٌ المعهود، أم أنه يطلق على السباع وغيرها؟
الجواب
يختص بالكلب المعروف، أما السباع كالأسد والنمر ونحوه فلا يدخل في هذا، وأما في الصيد فإنه يدخل فيه لقوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}[المائدة:٤]، فوصف الجارحة مع الكَلَب يدل على أنه يجوز أن تُعَلِّم أسداً الصيد وتصيد به، وهكذا لو علمت نمراً أو غيره من السباع العادية؛ لأنه يصدق فيه وصف الجارحة والكلب لكن (ال) في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الكلب) عهدية، فيشمل كلب البادية وكلب الحاضرة.
والكلاب التي تكون في البادية للصيد معروفة، وهي صغيرة الحجم، فهذا الذي يقطع الصلاة، فنقول بالعموم في جنس الكلاب، بخلاف الكَلَب فهناك فرق بين الكَلْب والكَلَب، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمية الأسد في قوله عليه الصلاة والسلام:(اللهم سلِّط عليه كلباً من كلابِك) حين دعا على عتبة بن أبي لهب، ثم لما خرج في تجارته إلى الشام قال: إني أخاف دعوة محمد.
فكان إذا نام ينام بين أصحابه، فلما كان على تخوم الشام جاء الأسد وافترسه من بين أصحابه.
فأخذ العلماء من قوله صلى الله عليه وسلم (.
كلباً من كلابك) أنه وصف الأسد بكونه كلباً، فدل على أنه في عرف الشرع قد يُطلق الكلْب ويراد به الأسد أو كل جارح؛ لأنه مأخوذ من الكَلَبِ، وهذا كما نبّه عليه ابن منظور رحمة الله عليه في (لسان العرب) فالصيد يكون بأي نوع من الحيوانات المفترسة من السباع، وقد كان عَدِي يصيد بالسباع على اختلافٍ بالكلاب وغير الكلاب، وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال: إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب والبزاة فما يحل لنا منها؟ والباز هو الصقر.
فأجاز له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم ينكر عليه.
فنقول: بعض العلماء يقول: اسم الكلب عام كما جاء في الصيد، ونقول: الصيد شيء، والكلْب في الصلاة شيءٌ آخر؛ لأنه في الصلاة أمر تعبدي، وفي الصيد من جانب الكلب والقوة، والمقصود تحصيل الرفق بالناس في الصيد.
فجاز في الصيد على سبيل العموم رفقاً بالناس، ولذلك يقال هنا بخصوصه في الكلب المعهود دون غيره، والله تعالى أعلم.