تعطى لبعض المساجد تمور لتفطير الصائمين، وينتهي شهر رمضان، ويبقى منها شيء، هل يجوز التصدق به على مجاوري المسجد من الحي نظراً لكونها تزيد عن حاجة المسجد، أو تكون وقفاً لذلك المسجد؟
الجواب
أولاً: ينبغي أن يحتاط من يتقبل الصدقات، فلا يأخذ أكثر من حاجته، خاصة في الأوقاف أو الأمور المسبلة على أماكن مخصوصة أو أغراض معينة، فإن هذه الأشياء المسبلة والتي هي أشبه بالحبس على مسجد معين أو مكان معين أو زمان معين ينبغي أن ينصح فيه، وأن ينفذ شرط صاحبها الذي تصدق بها، فإن كانت صدقة لتفطير صائم فهي صدقة لتفطير صائم، وإذا كان المسجد فيه كفاية فإنهم يقولون لمن يحضر: عندنا كفاية، فينصرف إلى مسجد آخر، ولا يجوز أن يأخذوا أكثر من كفايتهم؛ لأن هذا يُعطل هذه الصدقة عما هو أولى وأحرى، وقد تكون هناك مساجد هي أحوج.
ولذلك ينبغي أن يعلم أنه إذا كانت الصدقات لتفطير الصائم، فينبغي أن لا يأخذ المسجد إلا قدر كفايته، وأن ينقص ويصل الحق إلى كل مستحق خير من أن يزيد؛ لأنه إذا نقص من هذا المسجد فإن الصدقات ستمضي إلى المساجد الأخرى وتسد حاجة الناس فيها، لكن إذا أعطيت الزيادة وأصبحت فضلاً فاتت، فلا صاحبها أدرك تفطير الصائم ولا عرف حتى الذي أخذها ماذا يفعل بها فالصائم لم يعد موجوداً، وصرفها إلى غير تفطير الصائم هذا خلاف أصل الصدقة وأصل التحبيس من صاحبها، وقد تكون أموال أعطيت في الأصل، أشبه بالوقف على هذا الباب من الخير.
فعلى كل حال: إذا كان الشخص الذي أعطى المبلغ وكّل أشخاصاً ليشتروا التمر والصدقة على أنها لتفطير صائم، فالمال محبس على تفطير الصائم، وبناءً على ذلك: لا يصرف في غير تفطير الصائم، وإذا انتهى تفطير الصائم في رمضان يمكن أن يؤخر إلى رمضان آخر، وكان بعض مشايخنا يقول: الأشبه أنه يمكن أن يصرف إلى تفطير الصائم في الإثنين والخميس وقضاء رمضان، ويمكن أن ينزل منزلته.
لكن هذا المال إذا قصد به أن يحبس وقال له: خذ عشرة آلاف ريال وأنفقها في تفطير الصائم، فقد حبست لتفطير الصائم فلا تصرف في غيره، أو جاءه مثلاً بعشرين أو بثلاثين صندوقاً من التمر وقال: هذه تعطى تفطيراً للصائم، إذا قال: هذه تعطى تفطيراً للصائم فقد حبست وأصبحت أشبه بالوقفية على تفطير الصائم، وتصرف في هذا الوجه من الخير، وفي بعض الأحيان تكون من أموال أموات وأوصوا بها، وفي بعض الأحيان تكون من نفس المتبرعين، فهذه أمور كلها توقف وتحبس على الوجه الذي قصده صاحبه أو نص عليه من تصدق بها.
أما إذا كان الشخص نفسه اشترى هذا الشيء ونوى في قرارة قلبه أنه لتفطير الصائم، ثم لم يجد صائماً يفطره به، فله أن يصرفه في أي وجه من وجوه الخير، لأنه ما تعين وقفاً ولا تسبيلاً ولا تحبيساً، ففي هذه الحالة هو حر بماله، فإن يسر الله له ووجد صائماً يفطره فالحمد لله، وإن لم ييسر له فأنفقه في سبل الخير ووجوه الخير الأخرى فلا بأس ولا حرج.