للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الانتقال من الميقات الأقرب إلى الأبعد والعكس]

قال: [وهي لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم].

لو أن رجلاً من أهل المدينة سافر إلى الرياض وهو يريد الحج فلا يخلو من حالتين: إن مضى من الرياض إلى مكة فميقاته قرن المنازل، فيحرم من قرن المنازل، ويُعتبر آخذاً حكم أهلها.

وأما إذا كان يريد أن يرجع إلى المدينة فميقاته ميقات المدينة.

ولو أن رجلاً من أهل الرياض أراد أن يسافر إلى الحج ولكن قال: أريد أن أذهب إلى المدينة ثم أحج؛ فحينئذٍ سفرته الأولى تمحَّضت إلى غير النسك فلا يلزمه أن يُحرِم من قرن المنازل وإنما يؤخِّر إلى أن يذهب إلى المدينة فيُحرِم من المدينة.

لو كان ماراً على قرن المنازل وهو يريد المدينة: كأن ينزل من الرياض إلى الطائف ومن الطائف إلى المدينة؛ فحينئذٍ يكون ميقاته ميقات أهل المدينة.

فله سفران: السفر الأول: تمحض إلى المدينة قَصْداً وليس بسفر النُّسك، وقَصَد به موضعاً آفاقياً خارجاً عن المواقيت؛ فأصبحت سفرة ليست للنسك بذاتها، أي ليست هذه السفرة آخذة حكم من مَرَّ بقرن المنازل حتى يُلزَم بالإحرام من قرن المنازل، فلا يلزمه إذا مر بالسيل الكبير أن يُحرِم، وإنما يتأخر إلى أن يأتي المدينة ثم يُحرِم، هذا يسمونه الانتقال من الأقرب للأبعد ولا إشكال فيه؛ لأنه لو انتقل إلى المدينة فسيُحصِّل المسافة التي في ميقاته وزيادة.

لكن الإشكال لو أن طالباً يدرس في المدينة وأراد أن يسافر إلى أهله في الطائف، وعنده نية أن يحج هذه السنة، فحينئذٍ أراد أن يقصد إلى الطائف، ومن الطائف يريد أن ينزل إلى مكة، أو كان يريد مثلاً تَرَبَة أو يريد موضعاً بعد الطائف؛ فحينئذٍ نقول له: لك أن تسافر إلى أهلك ولا يلزمك ميقات المدينة؛ لأنه سيسافر إلى أُفُق وليست سفرته الأولى متمحضة للنسك، وإنما هي لخارج المواقيت.

ومن سافر السفرة الأولى لخارج المواقيت فلا يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، فيؤخِّر إلى أن يأتي الطائف لأنه في حِل وليس في حدود المواقيت، فإذا جاء إلى الطائف أَحرَم من ميقات أهل الطائف، وحينئذٍ يكون منتقلاً من الأبعد إلى ما هو أدنى.

وهكذا لو كان في رابغ وأراد أن يسافر إلى المدينة ثم يحج فنقول له: أخِّر إِحرامك بالنسك إلى وصولك للمدينة حتى تأخذ حكم أهلها.

والعكس لو أن طالباً يدرس في المدينة وعنده نية أن يحج، ولكن قال: أُرِيد أن أمر على أهلي بينبع أو أريد أن أمر على حاجة لي في ينبع، فحينئذٍ تمحض سفره إلى مكان هو من الأفق وخارج عن حدود المواقيت، وسفرته هذه ليست بسفرة النسك أصلاً، فحينئذٍ يكون ميقاته ميقات أهل الساحل ويُحرِم من رابغ؛ لأنه خرج عن حدود المواقيت فلم يأخذ حكم أهلها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>