الأصل في ذلك كتاب الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل آيتي المائدة، وهما قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة:٣٣ - ٣٤]، وهاتان الآيتان نزلتا في إثبات عقوبة الحرابة، وإسقاطها، فالآية الأولى: إثبات لعقوبة المحاربين وقطاع الطرق، والآية الثانية: في إسقاط الحد عنهم، وذلك بتوبتهم قبل القدرة عليهم، فبيّن الله سبحانه وتعالى شرعية هذا الحد.
وسيأتي إن شاء الله في معنى قوله تعالى:{أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ}[المائدة:٣٣] هل (أو) هنا للتخيير، وأن الأمر راجع للإمام والوالي ينظر الأصلح؟ أم أن (أو) هنا للتنويع على حسب الجرائم التي تقع من هؤلاء الذين اعتدوا على سبل المسلمين فقطعوها وأخافوها، ومنعوا الناس من مصالحهم، وأرعبوا الناس وأدخلوا الخوف عليهم؟ فهل هي عقوبة تختلف باختلاف جرائمهم فيكون القتل لمن قتل، والصلب لمن قتل وسرق؟ على تفصيل سيأتي إن شاء الله في موضعه.