قال رحمه الله:[وإن وجد العين معيبة أو حدث بها عيب فله الفسخ، وعليه أجرة ما مضى].
هذا كله -كما ذكرنا- في التزامات المؤجر، فإذا اتفق معك على إجارة سيارة أو أرض أو دار، فإنه يجب عليه الشيء الذي التزم به بموجب العقد، ومنه: أنه يمكنك من العين حتى تستوفي، إذاً: لابد أن تكون العين موجودة ويمكن استيفاء المنفعة منها.
يبقى مسألة: إذا وجد في العين عيب، فهي لم تتلف، ولكن فيها عيب لا تستطيع أن تستوفي المنفعة بالشكل المطلوب، وانظروا إلى دقة العلماء -وقد نبهنا على ذلك غير مرة- أنهم يأتون بالمؤثر من كل وجه، أو يأتون بالمؤثر الأكبر، ثم بعد ذلك المؤثر الأصغر.
فكأن سائلاً سأل: قد علمنا إذا استأجر المستأجر داراً وانهدمت الدار فإنه لا يمكن الاستيفاء من كل وجه، لكن لو وجد في الدار عيب لا يمنع من استيفاء المنفعة، ولكنه يضر بمصلحة المستأجر في المنفعة، كتسرب الماء من السقف ونحوه، فما الحكم؟ فإذا نشأ هذا السؤال فيكون العيب على صور: أولاً: العيب: هو النقص، يقال: عاب فلان فلاناً إذا انتقصه، فأصل العيب: النقص.
وأما بالنسبة في اصطلاح العلماء إذا ذكروا العيب في البيع والإجارة ونحوها من عقود المعاوضات، فهو: كل شيء يؤثر في مالية العين أو المنفعة، أي: الشيء الذي ينقص من قيمة العين المبيعة، أو ينقص من قيمة العين المؤجرة والمنفعة التي عليها عقد الإجارة، فهذا يعتبر عيباً، أما إذا لم ينقص من القيمة ولم يؤثر في المالية فليس بعيب، ولذلك ذكر الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني ضابط عيب الإجارة: أنه ما أنقص المالية، فمثلاً: أجرك شقة بخمسة آلاف، وهذه الشقة التي استأجرتها مدة سنة بالخمسة الآلاف تستحق ذلك، ولكن إذا تشقق سقفها فإنها تؤجر بألف أو بخمسمائة، فأنقصت المالية -ربما في بعض الأحيان- ثلاثة أرباع القيمة، هذا بالنسبة للشقق، وفي القديم مثلوا لذلك بالدابة والظهر، كأن يستأجر ناقة من أجل أن يركب عليها، والناقة فيها عيب إذا مشت، أو جموحاً إذا ركب عليها الشخص ربما تسقطه، والإسقاط هذا قد يقتله، كما في الرجل الذي وقصته دابته وهو واقف بعرفة.
إذاً: هناك عيوب في العين المؤجرة، وبناء على ذلك قال العلماء رحمهم الله: إن كل شيء ينقص المالية وينقص من القيمة، فيعتبر عيباً مؤجراً.