قوله:[الحر]: أي: يجب الحج وتجب العمرة على الحر، أما الرقيق فلا يجب عليه حج ولا عمرة؛ لأن الله قال:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران:٩٧] والرقيق ليس عنده مال، فشرط الاستطاعة ليس بمتوفر ولا متحقق فيه، والدليل على أن الرقيق لا يملك المال، ما ورد من حديث ابن عمر الذي ذكرناه في كتاب الزكاة، وبينا أن الشرع أخلى يد العبد عن الملكية، وإذا خلت يدُ العبد عن ملكية المال فإنه لا يتحقق فيه شرط الوجوب، فلا يخاطب بالحج، ولا بالعمرة حتى يعتق.
لكن لو أذن السيد لعبده بالحج وبالعمرة، فحج أو اعتمر فحجه صحيح وعمرته صحيحة.
وخالف الظاهرية جمهور العلماء، فقالوا: إن العبد يطالب بالحج لعموم الأدلة، ولكن يجاب عنهم بأن هذا العموم مقيد بشروط، وذلك في قوله:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران:٩٧] والاستطاعة تشمل الاستطاعة المالية، والعبد لا يملك المال فلا يتوجه إليه الخطاب بوجوب الحج، لكن لو حج بإذن سيده فلا إشكال.
والعبد الذي لا يجب عليه الحج يشمل العبد الذي هو متمحض الرق، والعبد المبعض، أي: الذي بعضه حر وبعضه عبد، فلا يطالب بالحج وذلك لوجود حق السيد فيه، وإذا ازدحم الحقان حق المخلوق وحق الخالق، قدم حق المخلوق لوجود المشاحة فيها.