[يسن تخفيفه] يسن تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه؛ لما فيها من الأضرار والمفاسد العظيمة؛ فالمغالاة في المهور تؤخر الزواج وتعطله، وتكثر من العوانس بين الناس الأمر الذي يفضي للفتنة والشر المستطير، فالسنة تخفيفه تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك خفف في مهور نسائه، فدل هذا على أن المهر ليس بمحل للمزايدة والمغالاة، وأجمع العلماء رحمهم الله على كراهية المغالاة في المهور، ونص بعض العلماء على أنه يوجب الإثم إذا وصل إلى حد الإضرار بحيث يقول: لا أزوج ابنتي إلا بمائة ألف، وهو يعلم أن هذه المائة ألف قد تكون سبباً في عدم زواج ابنته، ولربما عنست وكبرت ولم تتزوج فإنه يبوء بإثمها والعياذ بالله.
فالمغالاة في المهور مجمع على كراهتها، وقال المصنف:[يسن تخفيفه] لأن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التخفيف؛ ولأن الحكمة تقتضي هذا، فإن الرجل إذا دفع مهراً كثيراً في المرأة، فإن هذا سيضر بالمرأة أثناء عشرتها، فهو يظن كأنه اشتراها، فإذا رأى منها أقل خطأ، عظم هذا الخطأ، ورأى أنه كبيرة لا تغتفر، وحينئذٍ تحدث المشاكل، وينتقم منها ويضر بها، وربما أجحف بها حتى تخالعه وترد له المال الذي دفعه، إضافة إلى أنه إذا غالى الناس في المهور، فإنه سيتحمل الزوج أعباء هذه المهور المبالغ فيها، فلربما وقع في وطأة الدين، فيدخل إلى بيت الزوجية مهموماً مغموماً، فتنعكس الآثار على نفسيته وعلى زوجته حتى لربما عاش عيشة منغصة مليئة بالمشاكل والأضرار بسبب المغالاة في المهور.
فلا خير في المغالاة في المهور، والسنة التخفيف تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها:(خير النساء -وفي رواية: أبرك النساء- أيسرهن مئونة) فالتيسير في مئونة النكاح والتخفيف هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح والتابعين لهم بإحسان رحمة الله على الجميع.