رجلٌ كان يصلي وراء الإمام، وقد قرأ الإمام في آخر قراءته آية سجدة ثم ركع، ولكن هذا المأموم لم يركع مثل الإمام، وإنما سجد سهواً، فماذا يكون على هذا المأموم؟
الجواب
هذا أمرٌ ينبغي التنبيه عليه لأئمة المساجد وطلاب العلم، فقد نَبَّه العلماء رحمة الله عليهم أن من فقه الإمامة أن لا يفعل الإمام شيئاً يُوجب اختلال صلاة الناس وراءه، وهذا من النصح للعامة، ووجه ذلك أنه إذا وقف على موضع السجدة أَربَك الناس، فلا يدري الناس أهو ساجد أم راكع خاصةً إذا كان هناك أناس يقتدون به في خارج المسجد، فترى هذا راكعاً وهذا ساجداً، وترى آخر قائماً حائراً لا يدري، أيسجد أم يركع، ولذلك ذكروا أن من فقه الإمامة التَّنَبُّه لمثل هذه الأمور.
قالوا: فإذا قرأ ذلك وَوَقَع فيه فإن لم يكن عنده رغبة أن يَسْجُد فليصلها بسورة بعدها، فإنه إذا قرأ الآيتين والثلاث، أو استفتح سورةً مثل سورة (اقرأ)، ولا رغبة له في السجود فإنه يستفتح بسورة القدر، فإن دخوله بسورة القدر ينبه على أنه لا يريد الركوع، قالوا: حتى ولو قرأ منها آيتين لينبه الناس على أنه غير ساجد، ثم يركع بهم.
ولذلك يقولون: يَنبغي للإمام أن يكون عنده العلم بأحكام الإمامة وفقه الإمامة.
أما بالنسبة لحكم هذه المسألة فإن الإمام إذا كبر وركع ثم سجد الناس، فمَن سجد صحّ سجوده، وحينئذٍ إذا رفع الإمام يقوم مباشرة، ثم يركع ويدرك الإمام في الرفع من الركوع وصلاته صحيحة؛ لأنه سجد على وجه الإخلال، ويَحمِل الإمام عنه هذا السهو.
وأما إذا لم يركع وإنما سَجَد ثم قام من سجوده فوقف مع الإمام في الرفع من الركوع ولم يركع فعليه أن يلغي هذه الركعة، فإذا سلَّم الإمام قضى هذه الركعة؛ لأنه لم يركع.
فإن تَدَارك صحت ركعته، وإن لم يتدارك وجب عليه قضاء الركعة، فإن خرج من المسجد ولم يقض هذه الركعة وَجَب عليه قضاء الصلاة كاملة.
فالخلاصة أن الصور ثلاث: الأولى: أن لا يركع ولكن يتدارك، فصلاته صحيحة وركعته مجزية.
الثانية: أن لا يركع ولا يتدارك فتلزمه الركعة، فإن فَعَلَها وهو في المسجد وقام وتحرك كما في قصة ذي اليدين، فحينئذٍ صلاته صحيحة.
الثالثة: فإن خرج من المسجد ولم يتدارك هذه الركعة لَزِمه قضاء الصلاة كاملة، والله تعالى أعلم.