الأصل: أن الإنسان يتصدق عن نفسه، ويكون ذلك من باب الإيثار للنفس بالقرب والطاعات، أما بالنسبة للميت فقد يكون ذلك لعظيم حقه كالوالدين والقرابة، وقد يكون صديقاً بينك وبينه الود والمحبة، فتحب أن تحسن إليه بعد موته بالصدقة عنه، لعل الله أن يجعل في هذه الصدقة رحمةً تغشاه في قبره، أو تجعلها صدقةً عامةً للمسلمين، فكل ذلك مما لا حرج فيه.
وأما أن يكون من حي لحيٍ فهذا لا يحفظ فيه أصل، لكن بعض العلماء أجازه بالقياس، بإلحاق النظير بنظيره، وحكى بعضهم أنه لا خلاف فيه، ولكن لا أحفظ لهذا الإجماع مستنداً، فيتوقف في صدقة الحي عن الحي، بمعنى أن ينوي بأعماله الصالحة أن يكون ثوابها للحي.
وأما بالنسبة لنية الأعمال الصالحة عن الأموات إذا قلنا بمشروعيتها، فإنه يستثنى من ذلك هبة ثواب الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي مسألة منع منها العلماء رحمةُ الله عليهم، وبعض الناس يفعلها جهلاً، فيقول: إن هذه الصدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا باطل ولا أصل له، والسبب في ذلك أن حسنات الأمة كلها للنبي صلى الله عليه وسلم، سواء نويت أو لم تنو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من دعا إلى هدىً كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص من أجورهم شيئاً) سواء كانت عبادات بدنية أو مالية أو جامعةً بينها، فأجور الأمة كلها في ميزان حسناته بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه، وهو ليس بحاجة إلى أن يتصدق أحدٌ أو ينوي صدقته عنه صلوات الله وسلامه عليه، فهو في مقام عظيم وفي منزلٍ كريم بأبي وأمي هو صلوات الله وسلامه عليه.