[التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة في الصلاة]
قال رحمه الله تعالى:[وله التعوذ عند آية وعيدٍ والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض].
قوله:[وله] أي: للمصلي، فلك إذا صليت نافلة أو فريضة وقرأت آية عذابٍ أن تسأل الله أن يُعيذَك منه، أو قرأت آية رحمةٍ أن تسأل الله من فضله.
والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام في قيام الليل من حديث حذيفة أنه ما مر بآيةٍ فيها ذكر رحمةٍ إلا وقف وسأل الله من فضله، ولا مر بآيةٍ فيها ذكر عذابٍ إلا استعاذ بالله عز وجل.
قالوا: فهذا يدل على مشروعية أن يسأل المكلف ربه من فضله إن مرّ بالرحمة، ويستعيذ به إن مر بالعذاب، ولا فرق عند القائلين بهذا القول بين الفرض والنفل.
والصحيح أنه يُفَرَّق في السؤال بين الفرض والنفل كما ذهب إليه الجمهور؛ فإنه -كما في الحديث الصحيح- لما نزل قوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة:٢٣٨]، قال الراوي:(فأُمِرنا بالسكوت ونُهِينا عن الكلام)، فدل على أن الأصل في المصلي أن يسكت، وقال عليه الصلاة والسلام في الإمام:(إذا قرأ فأنصتوا)، فالأصل عدم الكلام، فلما ثبتت السنة بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل، ولم يثبت حديث صحيح واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل هذا في الفرض؛ إذ لا يُعقَل أنه يصلي بأصحابه صلوات الله وسلامه عليه هذا الردح من الزمان الطويل ولا يثبت عنه في فرضٍ واحدٍ أنه فعل ذلك، فحينئذٍ نقول: يجوز في النفل ما لا يجوز في الفرض، فيُشرع فعل ذلك في النفل دون الفرض، وهذا هو أعدل الأقوال وأقربها إلى السنة، فعلى المصلي إذا كان وراء الإمام أن ينصت ويمتنع عن الحديث، ويختص حكم هذه المسألة بالنفل دون الفرض.
ولذلك قال المصنف:[ولو في فرضٍ]، وكلمة (لو): تشير إلى الخلاف، ومعنى ذلك أن هناك من يقول بتخصيصه بالنفل دون الفرض، وهو مذهب الجمهور، وهو أقرب الأقوال وأعدلها، ولذلك ينبغي الاقتصار عليه في النوافل دون غيرها، أعني: الفرائض.