[الربح بين الشريكين على ما شرطا]
قال رحمه الله: [المضاربة لمتَّجر به ببعض ربحه]: (لمتَّجر (: أي مستثمر، (يتاجر به) الضمير عائد إلى المال، لمتَّجر بالمال.
(ببعض ربحه): أي ببعض ربح المال المدفوع، فأصبح عندنا رأس مال، وعندنا متاجرة تثمر وتنتج الربح، فرأس المال يدفعه ربه، ومَن يتاجر هو العامل، والربح بينهما على ما شرطا.
قال: [فإن قالا: والربح بيننا: فنصفان] إن قالا: الربح بيننا، فوجهان للعلماء: قال بعض العلماء: جهالة، لأن (الربح بيننا) يشمل المناصَفة والمرابَعة والمثالَثة، وغيرها، فأي قسط وأي حظ من المال فهو بينهما.
وقال بعض العلماء: بل إن قوله: (بيننا) معروف أنها بالمناصفة، يعني: بيننا، أي: نقسم بالعدل، لك مثل ما لي، وهذا هو الذي مال إليه المصنف رحمه الله ورجَّحه.
قال: [وإن قالا: لي أو لك ثلاثة أرباعه أو ثلثه، صح والباقي للآخر]: هنا مشلكة: إذا قال رب المال للعامل: خذ هذه المائة ألف واتَّجر بها، ولي من الربح نصفه.
لما قال: (لي النصف)، اختلف العلماء: قال بعض العلماء: إذا قال للعامل: (لي النصف)، نفهم مباشرة أن العامل له النصف الآخر.
وقال بعض العلماء: لا.
بل إنه حينما قال: (لي النصف)، سكت عن حكم النصف الثاني، فيحتمل أن يكون يعطيه نصف النصف الذي هو الربع، والنصف الآخر الذي هو الربع الثاني يضعه في صدقة أو هبة.
المهم أنه لما قال: (لي النصف) بيَّن نصيبه ولم يبيِّن نصيب الطرف الثاني، فلم يجز.
وهذا يختاره بعض أصحاب الشافعي رحمه الله وفيه وجه عند الحنابلة، أنه لو قال له: (لي النصف) أو قال له: (لك النصف)، وسكت، لا بد أن يبين حق الطرف الثاني، ولا يصح إلا إذا بيَّن كم للعامل وكم لرب العمل، فيقول: (لك النصف، ولي النصف)، (لك الربع، ولي ثلاثة أرباع)، (لك الثلثان ولي الثلث)، فيحسم الأمر، ويدفع الشك، ويقطع الريب.
وحينئذٍ قالوا: لابد أن يبيِّن.
وهذا المذهب أحوط وأسلم، وإن كان المذهب الثاني له وجه من القوة أنه إذا قال: (لي النصف)، نفهم أن النصف الثاني للعامل، أو قال له: (لك الربع)، نفهم أن الثلاثة أرباع لرب المال.