(بغير سرج بإكاف) وهو البرذعة، والمقصود من هذا: أن يكون لهم تميز، بحيث إذا رأيته في مركبه تعرفه، وكل هذا -كما ذكرنا- جاء في سنة عمر رضي الله عنه، وجرى عليه عمل أئمة الإسلام مع أهل الذمة، أنه لا بد من تميزهم في مشيهم؛ لأنهم إذا مشوا على مراكبهم كالمسلمين لم يتميزوا، فلا بد أن يتميزوا في دورهم، ولا بد أن يتميزوا في سيرهم على دوابهم، ولا بد أن يتميزوا حتى إذا دخلوا حمامات المسلمين للاغتسال، وقد ذكر هذا غير واحد من الأئمة، كالإمام ابن قدامة رحمه الله، والإمام الشيرازي رحمه الله من الشافعية، وغيرهم من الأئمة؛ لأن المراد أنهم إذا خالطوا المسلمين لم يشعر المسلمون أنهم منهم.
وتطبق السنة عليهم؛ من عدم السلام عليهم، واضطرارهم إلى أضيق الطريق، وكل ذلك لا يكون إلا بعلامة مميزة، وهذا هو الذي جعل العلماء يجتهدون في تطبيق السنة بالتميز؛ لأن الأمر بالشيء أمرٌ بلازمِه، فإذا كنت لا تستطيع أن تطبق السنة في الذمي إلا بمعرفته، فلا بد من وجود علامة يتميز بها، ومن هنا قيل بلبس الغيار، وشدِّ الزِّنَّار، والمراد بلبس الغيار: أن يكون لهم لبس خاص غير لبس المسلمين، فيتميزون به، ويُعرفون، وهذا دَرَجَ عليه المسلمون رحمهم الله في القرون الأُوَل، فكانوا يلزمونهم بلباس معين، حتى لا ينخدع المسلم إذا رآهم فيظنهم من المسلمين.