ذَكَرَ ابن قدامة رحمه الله تعالى في عمدة الفقه أن النية واجبة، وذكر هنا رحمه الله أنها شرط، فهل بينهما فرق؟
الجواب
أولاً: قولك: (ذَكَرَ ابن قدامة) هذه ما أقبلها منك، ينبغي التأدب مع أهل العلم رحمة الله عليهم، ابن قدامة ليس من طلاب العلم أو رجلاً عادياً، بل يقال: ذَكَرَ الإمام ابن قدامة، فهو علم من أعلام المسلمين، يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أعلم من الموفق.
كان آيةً في العلم والصلاح والورع، وشهد له أقرانه من العلماء بأنه جمع بين العلم والعمل رحمه الله برحمته الواسعة.
فمثل هذا لا يليق أن يقال فيه: ذَكَرَ فلان، وينبغي لطالب العلم أن يتعلم الأدب مع العلماء، وإجلال أهل العلم بذكرهم بالألقاب والألفاظ التي تليق بهم، فيقول: ذَكَرَ الشيخُ، ذَكَرَ الإمامُ.
ثانياً: جواب السؤال: الشرط أرفعُ من الواجب؛ لأن شرط الصحة لا تصح العبادة بدونه، وأما الواجب فقد تصح بدونه، ويكون الإثم على الترك، فإذا عُبِّر في الواجب على أنه شرط للصحة كان ذلك أبلغ، ولذلك لما اختُلف في الطهارة والوضوء، قال بعضهم: هي واجبة وشرطٌ في صحة الصلاة، أي: دل الدليل على أن فقد هذا الواجب يؤدي إلى بطلان الصلاة، فهناك فرق بين قولهم: واجب، وبين قولهم: شرط؛ إلَّا أن بعض العلماء -رحمة الله عليهم- يعبرون بالواجبات وبالشروط، وبناءً على ذلك فقوله رحمة الله عليه في العمدة: والواجب من ذلك، بمعنى: اللازم الذي ينبغي الإتيان به، وليس المراد به إسقاط معنى الشرطية، بدليل أنه ذكر بعد قوله: والواجب من ذلك أركان الوضوء، وهذا لا شك أنه أرفع من درجة الواجب؛ لأن الركن أعظم من الواجب، كما هو معلوم ومقرر أن ركن الصلاة أعظم من واجباتها.