قال المصنف رحمه الله تعالى:[باب السلم] فيقول رحمه الله: (باب السلم)، هذا الباب يعتبر أحد أنواع البيوع المهمة والتي رخص الله عز وجل لعباده فوسع عليهم فيها، وقد بين العلماء رحمهم الله وجه التوسعة في هذا النوع من البيع وذلك أن الإنسان إذا باع السلعة لا يخلو من ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن يدفع المشتري الثمن نقداً، ويدفع البائع المثمن معجلاً.
والحالة الثانية: أن يؤخر المشتري الثمن، ويقدم البائع المثمن.
والحالة الثالثة: أن يقدم المشتري الثمن ويؤخر البائع المثمن.
هذه ثلاثة أحوال للبيع، إذا دفعت المال حاضراً ودفع البائع لك السلعة حاضرة فإن هذا النوع من البيع يكون الثمن فيه مكافئاً للمثمن، فلو أردت أن تشتري سيارةً مثلاً أو داراً فقال لك: أبيعها لك بعشرة آلاف حاضرة، أي: نقداً، فإنك تراعي قيمة السيارة ويكون الثمن -غالباً- مكافئاً للمثمن، أي: أن السيارة تستحق هذا المبلغ دون زيادة أو نقص، الحالة الثانية: أن يكون المثمن مقدماً والثمن متأخراً كرجل أراد أن يستلم سيارةً، وطلب من البائع أن يؤخره سنةً كاملة فمعنى ذلك: أن المثمن معجل والثمن مؤجل، فإذا عجل البائع لك السلعة وقلت: لا أستطيع أن أعطيك المال حاضراً انتظرني سنة أو انتظرني سنتين، فالغالب أنه يثقل عليك في الثمن وتصبح القيمة قد زادت لقاء الأجل.
وعليه: تكون التوسعة على البائع في زيادة الثمن توسعة على المشتري في إنظاره وتأخيره، فيأخذ السيارة عاجلاً ويخف عليه دفع القيمة آجلاً، ولا يعتبر هذا كالربا؛ لأن الربا جاءت الزيادة فيه لقاء الأجل المحض، ولكن هنا: جاءت الزيادة لقاء السلعة، وقيمتها حاضرة ليست كقيمتها مؤجلة وقد جعل الله لكل شيءٍ قدراً.