إذا اعترف الساحر أنه قتل فلاناً بالسحر، وأنه قد جاءه رجل وطلب منه ذلك، فهل يقع الحكم على الساحر ومن استأجره أثابكم الله؟
الجواب
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإغراء الساحر بالمال حتى يقتل سبب، ولكنه ليس بسبب قوي في حصول الإزهاق والقتل، فلا أحد أكره الساحر على فعل السحر، إنما هو الإغراء بالمال فقط، لكن لو أنه جاء إلى الساحر ووضع سلاحه على الساحر وقال: إن لم تقتل فلاناً أقتلك، فهذه المسألة سنذكرها في باب الإكراه، ويكون تهديد وإكراه الساحر وتخويفه مؤثراً، أما في مسألتنا فإن القاضي يعزر هذا الشخص الذي أغرى الساحر بالمال، ولذلك لو جاء شخص إلى شخص وقال له: خذ هذه المائة ألف واقتل فلاناً، فذهب وقتله، لم يجب القصاص على من دفع المال؛ لأن الذي باشر القتل هو الذي يتحمل المسئولية، وهذا سيأتينا -إن شاء الله- في مسألة الإكراه.
والأصل عند العلماء أنه إذا دفع الشخص للقتل فإما أن يدفع بقوة مؤثرة، فحينئذٍ تكون السببية فاعلة ومؤثرة، وإما أن يُدفع دفعاً ليس هو المؤثر حقيقة، فتكون سببية قاصرة، مثل الإغراء بالمال، بمعنى: أن نفس الساحر هي الخبيثة وهي القاصدة للشر، وهي المريدة له، فما فتأت منذ أن وجدت إغراءً أن تتقدم لهذا الشيء، وهذا لو كان القاتل عنده شهوة للقتل وشهوة لإزهاق الأرواح بمجرد ما يأتيه إغراء قام وقتل.
إذاً: هذه المباشرة تعتبر هي المؤثرة، وهي التي يحكم بالقصاص فيها، وأما بالنسبة لهذا الشخص فإذا عزره القاضي فيعزر تعزيراً بليغاً يليق بجنايته وما ترتب على إغرائه للساحر حتى قتل بسحره، والله تعالى أعلم.