[إذا اختلف الجاعل مع العامل قدم قول الجاعل]
قال رحمه الله: [ومع الاختلاف في أصله أو قدره يقبل قول الجاعل].
هذه المسألة تعرف: بمسألة الاختلاف، وقد تقدمت الإشارة إليها غير مرة، إذا حصل الاختلاف في البيع بين البائع والمشتري، وفي الرهن بين الراهن والمرتهن، وفي الشفعة إذا اختلف الشفيع والمشتري، كل هذا قد تقدم معنا.
وهنا نتعرض لمسألة اختلاف الجاعل والشخص الذي يقوم بالبحث، فإذا اختلفوا في الشيء المجعول، وكان الباحث قد ذهب وبحث فوجد السيارة فجاء بها إلى صاحبها فقال: أعطني الجعل، فقال: هذه ألف، فقال الباحث: أنت قلت: سأعطيك ألفين.
فإن اختلفوا في قدر الجعل أو نوعه كأن يقول له: هذه سيارتك قد وجدتها أعطني الجعل، فأعطاه ألف ريال، فقال: نحن اتفقنا على ألف دولار، والألف ريال قيمتها غير الألف دولار؛ لأنها ربما تساوي ثلاثة أضعافها، فيختلفون هنا في نوع الجعل، وقد يختلفون في جنسه: هل هو ذهب أو فضة؟ فمثلاً يقول له: هذه سيارتك وأعطني نصيبي الربع كيلو من الذهب، فيقول: لا.
أنا قلت: ربع كيلو من فضة، فيختلفون في جنسها هل هو ذهب أو فضة؟ فإذا اختلفوا في الجعل؛ فالقول قول الجاعل مع يمينه؛ لأنه مدعىً عليه، فنقول للجاعل: ما الذي وضعته؟ لأنه أدرى ما الذي وضعه، فإن قال: وضعت ألف ريال، وخصمه يقول: بل ألف دولار، فنقول: أحضر شهوداً يشهدون أنها ألف دولار، وإلا حلف الجاعل وبرئ.
إذاً: القول قول الجاعل مع يمينه، وهذا تنطبق عليه القواعد: أولاً: أن الجاعل أعلم بما جعل، ويكون الشخص الذي يدعي الزيادة مدع، و (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء أناس وأموالهم).
ثانياً: أن الجاعل غارم، والقاعدة عند بعض العلماء: (أن الغارم دائماً مدعىً عليه)؛ فتنطبق عليه الضوابط.
وكذلك لو قال له- مثلاً-: أعطني ثلاثة آلاف ريال، فقال: أنا جعلت ألفين.
فكلا الطرفين متفق على أنها ألفان، والخلاف في الألف الثالثة، فلو قال له: هي ألفان.
فقال: بل ثلاثة آلاف.
فنقول: أعطه الألفين وأقم دليلاً على الألف الزائدة، بأنه فعلاً وضعها لك.
إذاً: ينطبق عليها قاعدة: (الأصل واليقين)، فنبقى على اليقين والشك نلغيه؛ لأن الأصل براءة الذمة منه حتى يدل الدليل على شغلها.
إذاً: القول قول الجاعل بيمينه، ما لم يُقِم المدعي -وهو الشخص المجعول له- بينة تدل على صدق دعواه.