ثم قال رحمه الله:[ولا يبيع جلدها ولا شيئاً منها؛ بل ينتفع به].
فلا يبيع جلد الأضحية، ولا حتى لحمها ولا عظمها، ولا حرج عليه في أن ينتفع به، أو أن يتصدق به، أو أن يهديه، أما أن يبيعه فلا يجوز، ولا يصح البيع؛ والسبب في ذلك: أنه لا يملك الأضحية؛ لأنه لما ذبحها لله عز وجل تصدق بها، وحينئذٍ فلا يجوز بيع جلدها ولا شيء من لحمها، وإنما يتصدق به أو يهديه أو يأكله، لكن لو أعطيت المسكين من الأضحية، فذهب أمامك وباعها لشخص وأنت ترى، فهل يصح هذا البيع؟
الجواب
نعم؛ لأن هذا الفقير قد ملكها بالقبض، واختلفت اليد، فحرم عليك البيع وجاز له، ولذلك لما دخل عليه الصلاة والسلام على أم المؤمنين والقدر يغلي بلحم وهو يريد أن يطعمه، فقالت له أم المؤمنين: يا رسول الله! إنه لـ بريرة أي: صدقة تصدق بها على بريرة، وبريرة كانت أمة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقات، فقال عليه الصلاة والسلام:(هو لها صدقة، ولنا هدية)؛ لأنه يأكل الهدية عليه الصلاة والسلام.
وهذا هو ما يسمونه: اختلاف اليد، ولذلك أخبر عليه الصلاة والسلام: أن المال الواحد يهلك به جامعه وينجو به آخذه، فتجد الرجل يجمع الأموال من الحلال والحرام، ويكون أكثرها من الحرام ثم يموت عنها، فيخلّفه الله ذرية صالحة ويأخذ ولده المال ثم يتصدق به؛ فيدخل به ذاك النار ويدخل به هذا الجنة.
فاليد هنا قد اختلفت، ولو أردت أن تبيعه لم يجز لك؛ لكن إذا أعطيت المسكين وأخذه بيده فقد ملك، وجاز له أن يبيع وأن يعاوض.
وهكذا بالنسبة لزكاة الفطر، فإذا أعطيته زكاة الفطر وباعها فلا حرج؛ لأنه قد ملكها بالقبض، ثم بعد ذلك إن شاء أكلها وإن شاء باعها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أغنوهم عن السؤال)، فكونه يأخذها ليطعم غناء له عن السؤال، وكونه يبيعها أيضاً غناء له عن السؤال، فلا حرج في ذلك.