للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحكام الله عز وجل فيها المصلحة للعباد]

السؤال

أشكل عليَّ أن ثبوت الشفعة قد يؤدي إلى تقاعس الناس عن الشراء لأنهم يعلمون أنهم إذا شروا ما تثبت فيه الشفعة سوف ينتزع منهم؟

الجواب

باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه من والاه.

أما بعد: ينبغي في الإشكال أن يكون المستشكل دقيق النظر يعني: كون الشفعة تؤدي إلى تقاعس الناس عن الشراء ليس على عمومها، لأن الشفعة أصلاً ما تقع إلا في الأشياء التي فيها شركة، وليست كل الأشياء التي تباع فيها شركة، بل لو قال قائل: إن هذا من أندر ما يكون أن يبيع الشريك نصيبه ما تقع إلا في العقارات التي فيها شركة، والغالب أن العقارات لا شركة فيها، ولذلك مسألة أن يتعطل الناس أو أن هذا يؤدي إلى فساد السوق أو إلى الإضرار بالشراء ليس بوارد، يكون وارداً لو كان هذا هو الأغلب أو هو الأعم، وحينئذٍ يكون فيه تضييق ويكون فيه ما ذكر من كونه يعيق الناس عن الشراء.

ثانياً: أن الحالة الخاصة إذا ثبت أنها لا تقع إلا في النادر أو في القليل فإنها لا تؤثر، فإن النادر لا يضر؛ لأن النادر قليل والقليل محتمل الضرر، وعلى هذا نقول: على الله الأمر، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الرضا والتسليم، وثق ثقة تامة أنك لن تجد عقداً شرعياً أحله الله عز وجل في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو بهديه وتستشكل فيه شيئاً إلا وجدت أضعافه إذا لم تقل بشرعيته، يعني: إذا كان مشروعية هذا العقد فيه إشكال واحد فعدم مشروعيته فيه إشكالات، وعلى هذا لا يمكن لشخص أن يجعل مثل هذا عائقاً أو مشكلاً يمنع من التسليم بمثل هذا الحكم، رضينا بالله ربا، ورضينا به حكماً فاصلاً يقص الحق وهو خير الفاصلين سبحانه وتعالى.

وبناء على ذلك لا ضرر على السوق ولا مفسدة فيه.

ثم الجواب الأخير أن نقول: إنما يكون المشتري متعرضاً للشفعة إذا طالب الشريك، فلربما يرضى الشريك أو يسكت، وحينئذٍ أيضاً هذا أمر آخر يضاف إلى ما ذكرناه وهو أنها لا تثبت إلا في أشياء نادرة، ثم أيضاً لا يقع فيها إلا إذا اعترض الشريك، وقد يعترض وقد لا يعترض، وبناء على ذلك لا يكون هذا أمراً مشكلاً مانعاً للتسليم بحكم الله عز وجل والرضا به، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>