للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الطلاق في الماضي]

قال رحمه الله: [إذا قال: أنت طالق أمس أو قبل أن أنكحك ولم ينو وقوعه في الحال لم يقع].

قوله: (أنت طالقٌ أمس) أمسِ من الأسماء التي يلغزون فيها، يقولون: اسمٌ إذا عُرّف أصبح نكرة، وإذا نكّر صار معرفةً، فأمس هو الذي قبل اليوم، وإذا قلت: بالأمس، فإنه يستغرق الزمان الماضي، ويكون نكرةً عامةً لما مضى؛ ولذلك قال الله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس:٢٤].

فقوله: أنت طالقٌ أمس، أو أنت طالق بالأمس، أسند الطلاق إلى ما قبل اليوم؛ فإن لم يكن قد طلق امرأته قبل يومه ولم ينو به الطلاق حالاً لم تطلق زوجته.

وعلى هذا يقولون: إذا قال لها: أنت طالقٌ أمس، فقد حكى كذباً، والكذب لغوٌ، والأصل أنها زوجته، والقاعدة الشرعية تقول: (الأصل بقاء ما كان على ما كان)، فالأصل كونها زوجةً له، ولا نرفع هذه العصمة إلا بدليلٍ، ولا دليل يدل على أنه قصد الطلاق أو أراد وقوعه.

قوله: (أو قبل أن أنكحك).

فلو قال رجل لزوجته: أنت طالقٌ قبل أن أنكحكِ، وكانت قد تزوجت رجلاً قبله، ثم طلقها ذلك الرجل، فإن كان يخبر أنها قد طلقت منه، فهذا صحيحٌ ولا يقع عليه طلاق؛ لأنه حكى شيئاً قد وقع، فتكون جملةً خبرية لا إنشائية.

قوله: (ولم ينو وقوعه في الحال لم يقع).

أي: لم يقع الطلاق، فإن نوى وقوعه وقع.

قال رحمه الله: [وإن أراد بطلاق سبق منه أو من زيد وأمكن قُبِل].

مثل ما ذكرنا: أنت طالقٌ بالأمس، وقصد أنها طلقت من بعلها الأول صح ذلك؛ لأنه ممكن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>