وللعلماء في تعليل تحريم القزع وجوه: قال بعض العلماء: لأنه مشابهة لليهود، فقد كان اليهود يحلقون بعض الشعر ويتركون بعضه.
وقال بعضهم: إن فيه ظلماً للإنسان لنفسه، والله أمر الإنسان بالعدل حتى مع نفسه, وتوضيح ذلك: أنه إذا حلق شقه الأيمن وترك شقه الأيسر ظلم شقه الأيمن إذا كان الزمان برداً، وظلم شقه الأيسر إذا كان الزمان حاراً؛ ولذلك نهي أن ينتعل بإحدى رجليه ويترك الأخرى لأنه ظلم للرجل التي لم تنتعل, وأيضاً نهي عن الجلوس بين الشمس والظل؛ لأنه إذا كان الزمن صيفاً ظلم النصف الذي في الشمس, وإذا كان الزمن شتاء ظلم النصف الذي في الظل، فلذلك قالوا: نهي عن القزع لئلا يكون الإنسان ظالماً حتى مع نفسه, والصحيح: أن كل هذه علل وفيه ظلم وفيه تشبه بأهل الفساد.
ومن يقصر أطراف الشعر ويجعل الشعر كثيفاً في منتصف الرأس فإنه يشمله هذا؛ لأن فيه تشبهاً بأهل الفساد, وقد أشار إلى ذلك بعض العلماء رحمة الله عليهم، وكنا نعهد مشايخنا رحمة الله عليهم من الأولين أنهم كانوا يشددون في تخفيف الشعر بعضه دون بعضه وكانوا يعدون ذلك من القزع, وقالوا: إما أن يخفف كله أو يحلق كله، وهذا هو الأصل الذي عليه العمل عند أهل العلم؛ أن السنة في الرأس أن يحلق كله أو يخفف كله، لا أن يفعل ببعضه ويترك بعضه لما فيه من مشابهة أهل الفساد.
وإذا كان القزع حراماً حرم للحلاق أن يفعله بالغير، فإن فعل أثم؛ لأنه معين على الإثم والعدوان, وحرمت الإجارة وحرم الثمن، يعني: المال الذي يدفع في مقابل ذلك الشيء ويعتبر حراماً، وهذا على الأصل المقر: أن الإجارة على المحرم محرمة.