قال رحمه الله:[والنفقة للحمل لا لها من أجله] فائدة هذا: أن النفقة إذا كانت للزوجة ووجد فيها مانع من موانع النفقة، قطعت النفقة عنها ولو كانت حاملاً، وإن كانت النفقة من أجل الجنين ترتبت على وجوده، وزالت بوضعه حياً أو ميتاً.
فبعض العلماء يقول: النفقة لها لا للجنين، وبعضهم يقول: النفقة للجنين لا لها، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله، وهو أحد القولين في مذهب الحنابلة رحمهم الله.
والصحيح أنها للجنين لا لها؛ لأن الله قيد الإنفاق بوجود الحمل، وحكم بزواله بزوال الحمل، فقال:{حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق:٦] فجعل الغاية وضع الحمل.
الفائدة: أننا لو قلنا: النفقة من أجل الحمل، فإنها إذا كانت زوجة في عصمته، ونشزت وهي حامل، بقي حقها في النفقة ولو كانت ناشزة؛ لأن النفقة للجنين.
أما إذا كانت النفقة لها، وكانت في عصمته فإن نشزت فالناشز يسقط حقها في النفقة كما تقدم، كذلك لو سافرت وهي حامل بدون إذن الزوج، أو بإذنه على التفصيل الذي سيأتي في سقوط النفقة، فإذا سافرت سقط حقها من النفقة، لأنها سافرت سفراً يوجب سقوط حق الزوجة من حين خرجت بدون إذنه، أو خرجت لحاجتها بإذنه؛ لأنه وجد فيها مانع يمنع من وجوب النفقة عليها.
وهكذا بالنسبة للأمة وغيرها مثلاً: شخص عقد على امرأة يظنها امرأة ليس فيها مانع، وتبين أنها أخته من الرضاعة، أو عمته من الرضاعة أو خالته من الرضاعة، وحملت من وطئه، وهو لا يدري أنها أخته، لكن بعد أن تزوجها ودخل بها وحملت تبين أن هناك مانعاً يوجب فساد النكاح، حينئذ يفسد النكاح، فإن قلنا: النفقة من أجلها هي، بطل حقها ببطلان النكاح، وإن قلنا: النفقة للحامل من أجل جنينها وجب عليه أن ينفق عليها حتى تضع الحمل، هذه من فوائد الخلاف بين العلماء في مسألة: هل النفقة من أجل الجنين أو من أجل المرأة؟ والصحيح أن النفقة من أجل الجنين، ومن أجل الحمل.
وينبني على هذا: العكس، فلو ظن أنها حامل كما في القديم حيث لم تكن هناك وسائل تبين الحمل بدقة، فقد يكون بها انتفاخ، فيظن أنها حامل، ثم بعد مضي المدة وقد أنفق عليها يتبين أنها ليست بحامل، فيجب عليها رد النفقة؛ لأنها شرعت بسبب وتبطل بزوال السبب، إذ ما شرع لسبب يبطل بزواله.