وأما من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فأحاديث كثيرة: منها: حديث أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها وعن أبيها: أنه لما توفي أبوها أبو سفيان رضي الله عنه وأرضاه أخذت طيباً فطيبت جارية عندها، ثم مست من ذلك الطيب، وقالت: {والله مالي بالطيب من حاجة، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً))، فهذا الحديث المتفق عليه أصل عند العلماء -رحمهم الله- في مشروعية الحداد.
وهناك أحاديث أخر تتضمن الدلالة على مشروعيته كحديث أم سلمة في الصحيحين، وحديث سبيعة بنت الحارث الأسلمية رضي الله عنها في الصحيحين أيضاً في قصتها مع سعد بن خولة رضي الله عنه وأرضاه حينما توفي فدخل عليها خالها أبو السنابل بن بعكك رضي الله عنها وعنه.
والأحاديث في مشروعية الحداد كثيرة.
ولذلك أجمع العلماء رحمهم الله على أن الحداد مشروع بهذه السنة على التفصيل الذي سنبينه.
ومرادهم: الحداد الأعلى، وهو أن تحد أربعة أشهر وعشراً، وأما الإحداد ثلاثة أيام فيجوز للمرأة إذا توفي أبوها أو أخوها أو قريبها أن تحد؛ لأن أم حبيبة حدت على أبيها أبي سفيان وامتنعت من مس الطيب إلا بعد تمام الثلاثة الأيام.