للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مانع الرق]

وقوله: [ولا حضانة لمن فيه رق] شرع المصنف رحمه الله في هذه الجملة في بيان الشروط التي ينبغي توفرها في الحاضن، فيشترط فيه: أن يكون حراً، والرقيق ليس أهلاً للحضانة من حيث الجملة، والسبب في ذلك: أن الشرع نزع الولاية عن العبد فهو لا يلي أمر نفسه، حتى إن ماله لا يملكه، إنما هو ملك لسيده إلا ما ملّكه، قال صلى الله عليه وسلم: (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) فأخلى يده عن أن يتصرف في ماله، فكيف يتصرف في غيره؟ فهو لا يملك النظر في نفسه فأولى ألا يتولى أمر غيره، والإسلام في مسألة الرق لا يخصها بجنس ولا بلون ولا بطائفة ولا بزمان ولا بمكان، وإنما جعل ذلك راجعاً إلى وجود الكفر بنعمة الله عز وجل والمحاربة لدين الله، فإذا كان الشخص بهذه المثابة سقطت عنه الأهلية حتى صار كالبهيمة، كما قال تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الفرقان:٤٤]، وحينئذٍ يباع ويشترى ويملك.

وعلى كل حال فالرقيق ليس له حق في الحضانة؛ لأنه لا يملك أمر نفسه، فمن باب أولى ألا يلي أمر غيره، ولأنه مشغول بخدمة سيده، فكيف يتفرغ للقيام برعاية هذا الصبي أو هذه الصبية؟! ولذلك لو قيل: إن لهم الولاية لضاعت حقوق الشخص المحضون؛ لأنه إما أن يضيع حق سيده، وإما أن يضيع حق الشخص المحضون، فقالوا: نبقيه على الأصل من أنه مطالب بحق سيده.

والبعض يستغرب من الفقهاء أن يقولوا هذا، وهذه أصول شرعية، فالشرع أثبت الملكية، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:٥ - ٦]، فجعلهم ملك يمين، فجعل الأمة ملك يمين لسيدها، وجعل المملوك مشغولاً بخدمة سيده.

وبناءً على ذلك: لا يستطيع العبد القيام برعاية الشخص المحضون، ومن هنا أسقط جمهور العلماء رحمهم الله الحق في الولاية للرقيق على المحضون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>